وكانت الأصنام والأرواح تعبد ويسجد لها وتنذر النذور والقرابين، وكانوا يذبحون لها أول نتاج الإبل والبقر والغنم، ويخصصون أحسن قطعة من الأرض الزراعية للأصنام، فلو أتلفت آفة من الأرض أو السماء انتاج هذه القطعة عوضوه بانتاج قطعة أخرى من الأرض وكانوا يشربون دماء المواشي عند الجوع والقحط، ويأكلون لحوم الحيوان بعد قطعها منه وهو حي، ويتطيرون بحركات الحيوان وأصواتهم، ويرقون ويعلقون التمائم وهكذا سيطرت الأوهام على أفكارهم وعقولهم.
وكانوا يحبون الثأر والحقد فيثأرون لما وقع قبل جيل أو جيلين ويرون ذلك شجاعة.
وكانوا يقلدون فواحش وقباح الأمم المجاورة لهم بسرعة. وكانوا يغالون في الفخر بالأنساب، وكانت كل قبيلة تحتقر الأخرى، ويؤدي هذا الاحتقار أحيانا إلى العداء والحرب.
وكانت تقاليد الأسرة مسيطرة عليهم أكثر من الدين والقانون وكانت حرية الرأي تختفي في ظل التقاليد، وكانت القبائل تحالف الأمم المجاورة للقضاء على أعدائها، وتحتال لغزو فارس والروم والأحباش لبلادهم. ومن أشهر أصنامهم:
هبل: وكان طويلا موضوعا على شرفة الجدار الموازي للكعبة، وكانت جميع قبائل العرب تعظمه، وكان أبو سفيان هتف به في غزوة أحد فقال: أعل هبل (١). وقد رأيت عام ١٣٣٩ هـ خارج باب السلام عمودا طويلا من الحجر يدوسه الناس قادمين رائحين، واشتهر بينهم أنه جزء من صنم هبل، ولم يكن في جوانبه الثلاثة تمثال.
وكان من أحفاد شيث عليه السلام ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فاتخذ الناس لهم تماثيل، فكان بنو كلب يعبدون ودا، وبنو مدلج سواعا، وبنو مراد يغوث، وبنو همدان يعوق، وبطن من بني همدان نسرا. واللاة: تأنيث الله، ويقال لها ربة أيضا.
ومناة: تأنيث المنان، وكان صنمه على جبل المشلل، وجميع العرب كانت تعترف بألوهية هذين الصنمين، وكانت هذيل ونزال والأوس والخزرج من عباد مناة خاصة.