وبعد ذهاب المسيح وقع تلاميذه الاثنا عشر في خلاف شديد حول العقائد والأعمال، وذلك مثل:
١ - هل يجب الالتزام بأحكام الشريعة (التوراة)؟
٢ - هل يجوز التبشير بالنصرانية في الأمم الأخرى أم لا؟
٣ - هل الاختتان خاص ببني إسرائيل، أم لكل من يدخل في النصرانية؟
وجرت مناقشات حادة حول كل مسألة من هذه المسائل.
وبولس اليهودي، الذي لم يكن من الحواريين الاثنى عشر، بل كان يؤذي المسيح ومن آمن به حينذاك، دخل النصرانية فيما بعد، ولما كان أعلم من الحواريين، لذا غلبهم في الكتابة والخطابة، ثم أحدث لهم تعليما جديدا، بدل التعليم الذي أشهدهم عليه المسيح.
وبولس هو الذي جعل رؤياه فوق الشريعة، وأحل ما حرم الله للجيل الجديد.
وهكذا سن بولس في حياته سنة صارت حجة لمن أتى بعده، فكانت المجامع تنعقد واحدا بعد الآخر، ويتم فيها الاتفاق على العقائد الجديدة، ومن يعارضها كان يلقى حتفه دون تأخير.
والأمر الذي تحتم لدى المجامع إصدار القضاء فيه هو ألوهية المسيح وبنوته أي أنه ابن الله، فجعل بعضهم المسيح صاحب ذاتين وروحا واحدة، وجعله بعضهم صاحب ذات واحدة وروحين، وجعله البعض الآخر بشرا في الحياة الدنيا، وابنا بعد الصلب، وقليل منهم بقوا على العقيدة القديمة فلم يجعلوا المسيح أكثر من كونه بشرا نبيا.
والمجامع نفسها اخترعت عقيدة التثليث، اتباعا لتثليث أفلاطون، أي الله والعقل والنفس الكلي. فكانت مسائل أفلاطون عامة في اليونان، ولذا لم يعترض أحد على هذا التثليث، وانتشرت العقيدة القائلة به.
وظهر الخلاف في أقانين التثليث أيضا، فجعل بعضهم أركانه: الله ومريم والمسيح، وبعضهم: الله ويوحنا والمسيح، وبعضهم جعل الله والمسيح أقانيم ثلاثة.
ثم ظهر الخلاف حول روح القدس، فقال بعضهم: ولد المسيح بالله وروح القدس، وقال بعضهم: ولد روح القدس بالله والمسيح.