للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى كلمة ((العبد)) في ذكر هذا الحادث في السورتين، حتى يتأكد الناس تماما أن أعلى منزلة لخير خلق الله نبيه محمد (ص) هي منزلة العبدية، وأمرنا جميعا بأن نتقدم في تلك المنزلة كل حسب كفاءته وصلاحيته {ليعبدوا الله مخلصين له الدين} (البينة: ٥). ومعنى: ((الصلاة معراج المؤمنين)) أيضا يتضح بهذه النكتة، لأنه ليس هناك شيء أقوى وأكبر من الصلاة لإظهار العبودية وبيان العجز والافتقار وإبراز التعبد والابتهال لله عز وجل.

مبحث اليقظة والمنام: رأى بعض العلماء أن الآية الكريمة {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} (الإسراء: ٦٠) تشير إلى المعراج، والتعبير عنه بالرؤيا يدل على أن وقائع المعراج حدثت في المنام.

وقد حل هذا الإشكال إمام اللغة ابن دحية حيث قال: إن الرؤية والرؤيا يستعملان بمعنى واحد، يقول أهل اللغة: رأيت رؤية ورؤيا، مثل قربة وقربى. وبذلك زال الوهم بأن الرؤيا تستعمل للمنام وحده.

وقال الزمخشري (١) (وهو من أئمة اللغة والمعاني والبيان) في تفسيره ((الكشاف)) تحت هذه الآية: إن هذه الرؤيا تختص بوقعة بدر حيث دل النبي (ص) على مصرع كل كافر، والكفار كانوا يستهزءون بقوله (ص) هذا. ثم أورد بلفظ ((قيل)) ما يأتي: إنما سماها رؤيا على قول المكذبين حيث قالوا له لعلها [أي حادثة المعراج] رؤيا رأيتها وخيال خيل إليك.

ومثال ذلك في الآيات التالية:

١ - {فراغ إلى آلهتهم} (الصافات: ٩١).

٢ - {أين شركائي} (النحل: ٢٧).

٣ - {ذق إنك أنت العزيز الكريم} (الدخان: ٤٩).

ولنستمع الآن إلى المحدثين، أورد الإمام البخاري في كتاب التفسير من صحيحه تحت الآية {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} (الإسراء: ٦٠) عن عكرمة عن ابن عباس: هي رؤيا عين أريها رسول الله (ص) ليلة أسرى به (٢).


(١) تفسير الكشاف ١/ ٥٣٣.
(٢) البخاري ٤٧١٦.

<<  <   >  >>