للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصعب حصر الفيوض والبركات التي عممها (ص)، والتجلي الذي عم البصائر، والنعم التي متع بها العالمين، والعطايا التي ميز بها أهل دينه.

إن الجزيرة العربية التي تعطشت للعلوم والحقائق قد ارتوت بما قسمه النبي (ص)، وقد أخرج (ص) نعم أهل زرادشت وآلاء بني إسرائيل ومقدسات الهنادك من حوزتهم وقسمها على العرب الذين لم يكونوا قد ملكوا شيئا سوى رمال الصحراء وأحجار الجبال، ثم إنهم وزعوا عطاياهم فيما بعد على جميع الناس وبسطوا موائدهم لكل صادر ووارد، وهيأوا مرافق الأكل والشرب للمساكين وأبناء السبيل من الشرق إلى الغرب، تعاملوا معهم على أساس الأخوة والمساواة، وكسبوا الأعداء إلى صفوفهم، وهكذا صار العالم كله اليوم من المنتفعين بعطايا النبي (ص) والمدينين لتعليمه (ص)، ومن لم يفعل حرم هذه الحقائق والمعارف.

٣٩ - إنه المصطفى، وهو من أسمائه الخاصة المباركة فكأنه علم له، وآيات القرآن توضح أن آدم ونوحا وإبراهيم وموسى عليهم السلام من الأنبياء الصالحين الذين أطلق عليهم كلمة ((الاصطفاء)) بصفة خاصة، وكان سبب الاصطفاء أو وسيلته نزول الوحي الرباني والكلام الإلهي، والصفات التي امتازوا بها وجدت في النبي (ص) على أكمل وجه. ورد في كتاب التثنية ميزة خاصة للنبي (ص) وهي:

((وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به)) (١).

والتفاصيل التي وردت في القرآن الكريم عن نزول الوحي وتواصل التنزيل وكيفية التكميل لم توجد في كتاب آخر، ولهذا فالنبي (ص) هو الشخصية المصطفاة المسماة بالمصطفى واصطفاؤه (ص) أعلى وأفضل من اصطفاء الجميع.

ورد في القرآن الكريم:

{إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} (آل عمران: ٣٣).

ويدخل في آل إبراهيم سيدنا إبراهيم نفسه وآل نبينا (ص) كلاهما، والإتيان بهذا الأسلوب إنما هو للدلالة على أن اصطفاء آل إبراهيم مبني على انضمام النبي (ص).

٤٠ - إنه مطاع، إن ذات الله سبحانه وتعالى هي المقعودة بالذات من الطاعة. والله


(١) التثنية ١٨/ ١٨.

<<  <   >  >>