في حياته. وألف لوقا إنجيله في مدينة انطاكية باللغة اليونانية، وقد صرح في بداية إنجيله أنه يؤلف الوقائع بعد التحقق من صحتها. وكان هناك أمل في صحة الوقائع التي وردت في إنجيله بعد هذا التصريح ولكن يقول الفاضل نورتن شارح الأناجيل: إن المعجزات التي أوردها لوقا دخلتها روايات كاذبة، وقد بالغ كاتبها مبالغة الشعراء، ويصعب التمييز بين الصدق والكذب في هذا العصر. (كتاب الإسناد ص ٦١).
ولنتفكر هنا كيف يوصف الكتاب الذي يصعب فيه التمييز بين الصدق والكذب بأنه محفوظ؟
ومرقص تلميذ شمعون بطرس، ألف هو أيضا كتابه في انطاكية باليونانية، ويوجد خلاف بين موضوعات مرقس ولوقا.
ولعل إنجيل يوحنا آخر الأناجيل تأليفا، وهو أيضا مؤلف باليونانية، ويقال إنه كان تلميذ المسيح، ولكن إنجيله احتوى على أثر كبير من العقيدة اليونانية القديمة.
وما أجمع عليها النصارى كلهم هو أن إنجيلا من الأناجيل الأربعة لم ينزل على المسيح من الله، بل إنها من تأليف المؤلفين الذين نسبت إليهم. ثم أضيفت عليها صفة التقديس فذكروا أن مؤلفيها ألفوها بتأييد روح القدس، ولو صح ذلك لما كان هناك تناقض بين مطالبها ومضامينها، ولكنها تحتوي على تناقض يصعب بعده التطبيق. إن من
شراح الأناجيل المعروفين (آدم كلارك) و (نورتن) و (هارون)، وهم متفقون على تعذر التطابق بين المعاني المتناقضة في الأناجيل.
وقد اعترف الأسقف فرنج أن التحريف دخل في أربع أو خمس آيات من الأناجيل، وكذلك اعترف بأنها تتضمن نحو ثلاثين ألف خطأ ما بين صغير وكبير.
ومجموعة الأناجيل الأربعة لا تزيد على مائة صفحة، ووجود نحو ثلاثين ألف خطأ في مائة صفحة ينفي تصور كونها محفوظة. ولا نريد الزيادة على هذا في هذا البحث.
٣ - واسمعوا الآن حال كتاب المجوس، إن الأمة الإيرانية أمة قديمة، ولعل كتبها وجدت في زمن من الأزمان، ولكن كتاب (الزند)(١) كان قد فقد قبل عهد زرادشت.
(١) ومعنى الزند وتكتب الزاي بثلاثة نقط زند الحجر الذي تخرج منه النار وقد أطلق عليه هذا الاسم لأن بداخله نور وشرحه موجود في الأوستا التي ذكرها المؤرخون العرب أيضا باسم الأبستاق.