للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان قصدنا من هذا البحث كله ذكر تنبؤات القرآن عن الخلافة الراشدة، وقد بدأت الخلافة بعد وفاة النبي (ص) حينما انقطع الوحي، ولذا كان على الله إنشاء هذه الخلافة وتدعيمها وفق تلك العلامات والأمارات والبشارات، فهو الذي أنزل كلامه على رسوله واصطفى من أمته (ص) عدة نفوس زكية للخلافة، وكانت أقوالهم وأفعالهم مصداقا لكتاب الله تعالى، وكان كتاب الله تعالى مصدقا لهم.

تنبؤ سابق عن فتنة تقع بين مخاطبي القرآن الأوائل:

قال الله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} (الأنفال: ٢٥).

إن هذه الآية تخبر عن فتنة عامة تشمل الظالمين وغيرهم. ولاشك أن فقدان القومية واختلال نظام الأمة مصيبة تؤثر على الجميع.

إن شهادة عثمان ووقعة الجمل ووقعة صفين وشهادة علي وحادثة كربلا هي الأحداث التي صدقت بوقوعها ذلك التنبؤ. واشترك في هذه الأحداث عدد كبير من مخاطبي القرآن الكريم الأوائل، ولذا جاء ضمير المخاطب في قوله تعالى ((منكم))، ووقوع هذه الفتنة بعد الخلافة الراشدة التي جمعت بين بركات الدنيا وأنوار الآخرة لم يكن في الحسبان، ولكن علم الله تعالى ومع الأحداث المستقبلة، وكلامه ذخيرة لها، ولذا أخبر بألفاظ واضحة أن الفتنة تعم الظالم وغيره.

ولم يقل أن يشترك الناس في الفتنة، بل أمرهم بأن يجتنبوها ويتقوها، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة عن الفتنة ما يأتي:

((ستكون الفتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي)).

ولا نود تفصيل تلك المآسي والأحداث المحزنة المقلقة بل القصد هو إثبات تنبؤ القرآن الكريم عن هذه الوقائع، وهذا هو الدليل على كونه كلام الله. تنبؤ ضد مستهزئي مكة:

قال تعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (*) إنا كفيناك المستهزئين} (الحجر ٩٤ - ٩٥).

سبق أن ذكرنا في البداية من هذا الكتاب طائفة المتهزئين، وكان قصد هذه

<<  <   >  >>