للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدل على خلل في الإقرار بتوحيد الربوبية، وقد روى الإمام ابن جرير الطبري هذا المعنى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - حيث قال في تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢] "أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من توحيده هو الحق الذي لا شك فيه". (١)

أما توحيد الأسماء والصفات؛ فإنه يدل على الربوبية بالتضمن؛ لدلالة أسمائه الحسنى على ذلك، وعلى الألوهية بالالتزام. (٢)

وبهذا يدرك أن المراد من التقسيم الذي ذكره العلماء هو توضيح المعتقد؛ وفقًا لما جاء في الكتاب والسنة، ومن ثم التأكيد على توحيد الألوهية الذي جحده الكثير ممن أقر بربوبية الله على خلقه، فمعرفة الله ربًا منعمًا متصفًا بصفات الكمال والعظمة، مما قد فطرت النفوس على الإقرار به، وإنما وقع الخلل فيما يجب اتجاه من وصف بذلك واستحقه، حيث عبدت الأصنام وصرفت الصالحات لغير الله تعالى؛ إما جهلًا أو عنادًا واستكبارًا، وأدلة الشرع في هذا المعنى كثيرة متضافرة، لا يعرض عنها إلا جاهل أو صاحب هوى.

قال شيخ الإسلام: "التوحيد الذي أمر الله به العباد هو توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية، بأن يعبد الله وحده لا يشركون به شيئًا؛ يكون الدين كله لله. . كما قد بين القرآن هذا التوحيد في غير موضع، وهو قطب رحى القرآن الذي يدور عليه القرآن". (٣)

* * *


(١) تفسير القرآن العظيم: (١/ ١٦٤).
(٢) انظر: تيسير العزيز الحميد، للشيخ سليمان بن عبد الله: ٣٣. وانظر دعوة التوحيد للشيخ محمد خليل هراس: ٨٣، ٨٥.
(٣) منهاج السنة النبوية: (٣/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>