للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبمثل هذا تفسر الآيات التي تحمل نفس المعنى من الدلالة على وحدانية الله تعالى، كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]

يقول الإمام ابن كثير: "لفسدتا، كقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} ". (١)

ويقول الشيخ السعدى: "وبيان ذلك أن العالم العلوى والسفلى على ما يرى في أكمل ما يكون من الصلاح والانتظام، الذي ما فيه خلل ولا عيب ولا ممانعة ولا معارضة؛ فدل ذلك على أن مدبره واحد، وربه واحد، وإلهه واحد، فلو كان له مدبران وربان أو أكثر من ذلك؛ لاختل نظامه وتقوضت أركانه". (٢)

ويبين الإمام الشوكانى (٣) وجه التلازم بين التعدد والفساد، بقوله: "ووجه الفساد أن كون مع الله إلهًا آخر يستلزم أن يكون كل واحد منهما قادرًا على الاستبداد بالتصرف، فيقع عند ذلك التنازع والاختلاف، ويحدث بسببه الفساد". (٤)

ومما يحمل نفس المعنى، قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} [الإسراء: ٤٢].

والمقصود منها كما ذكر الصاوى نفى الشريك؛ لانه لو وجد لطلب العلو والمغالبة، ومع بيان انتفاء وجود من هو بهذه المثابة؛ انتفت الشركة، وثبتت الوحدانية.


(١) تفسير ابن كثير: (٣/ ٢٣٥).
(٢) تيسير الكريم الرحمن: ٥٥٨.
(٣) هو محمد بن على بن محمد بن عبد الله الشوكانى ثم الصنعانى، الفقيه المفسر المحدث الأصولى والأديب المؤرخ، صنف في أنواع العلوم عددًا كبيرًا من الكتب النافعة تصدر للإفتاء والتدريس، كما تولى القضاء العام في مدينة صنعاء، من مؤلفاته: فتح القدير الجامع بين فنى الرواية والدراية في علم التفسير، ونيل الأوطار شرح المنتقى الأخبار، وإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من الأصول. انظر ترجمته: معجم المؤلفين: (١١/ ٥٣). الأعلام للزركلى: (٦/ ٢٩٨). وانظر لمزيد من التوسع: منهج الإمام الشوكانى في العقيدة: عبد الله نومسوك.
(٤) فتح القدير: (٣/ ٥٦٩).

<<  <   >  >>