للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما خلق فما كان ينتظم الوجود، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق كل من العالم العلوى والسفلى مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه. فيعلو بعضهم على بعض". (١)

أما اللازم الأول وهو انفراد كل إله بما خلق، فباطل؛ لأنه يتنافى مع ما يجب أن يتصف به الرب الحق من القدرة التامة لخلق كافة المخلوقات، مع القيام بشؤونها وتدبيرها، فتكون بذلك تحت تصرفه وقهره، أما ما خلا ذلك، فليس برب على وجه الحقيقة.

وأما اللازم الثاني لوجود التعدد؛ فهو علو بعض الأرباب على بعض، بحيث يطلب كل منهما العلو على الثاني حتى تتحقق له الربوبية؛ لان مقتضى الربوبية لا يتحقق إلا بانفراد الرب في تصريف شؤون الخلق، إيجادًا وتدبيرًا.

يقول شيخ الاسلام: "وبيان التلازم أنه إذا كان معه إله، امتنع أن يكون مستقلًا بخلق العالم، مع أن الله تعالى مستقل بخلق العالم". (٢)

ولما علم بطلان هذين اللازمين لما هو ملاحظ من انتظام المخلوقات، وسيرها وفق سنن ثابتة، بطل ملزومهما، وهو إمكان تعدد الأرباب، ولم يبق إلا أن يكون الرب هو الله تعالى لا شريك له (٣)، يقول الشيخ السعدى: "واعتبر ذلك بالشمس والقمر، والكواكب الثابتة، والسيارة، فإنها منذ خلقت وهى تجري على نظام واحد، وترتيب واحد، كلها مسخرة بالقدرة مدبرة بالحكمة لمصالح الخلق كلهم، ليست مقصورة على أحد دون أحد، ولن ترى فيها خللًا ولا تناقضًا ولا معارضة في أدنى تصرف، فهل يتصور أن يكون ذلك تقدير إلهين ربين". (٤)


(١) تفسير القرآن العظيم: (٣/ ٣٣٨).
(٢) منهاج السنة النبوية: (٣/ ٣١٥).
(٣) انظر: منهاج السنة: (٣/ ٣١٥).
(٤) تيسير الكريم الرحمن: ٦٠٢.

<<  <   >  >>