للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٢، ٢٣].

فهاتان الآيتان الكريمتان تدلان على النفى التام لكل ما يسوغ دعاء غير الله تعالى، حيث نفى عنهم: الملك والشركة والشفاعة والمعونة، فأى عقل بعد ذلك يسمح بالالتجاء إلى من هذه صفته، يقول الإمام ابن القيم (١) معلقًا على هذه الآية الكريمة: "فكفى بهذه الآية نورًا وبرهانًا ونجاة وتجريدًا وقطعًا لأصول الشرك ومواده لمن عقلها" (٢).

وقد دلت السنة المطهرة على أهمية الدعاء وحذرت أيما تحذير من مغبة صرفه لغير الله تعالى، قال - عليه الصلاة والسلام -: (من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار) (٣).

وقال في حديث ابن مسعود عندما سئل أي الذنب أكبر عند الله؟ : (أن تدعو لله ندًا وهو خلقك) (٤) كما حذر من الاستغاثة بغيره سبحانه فقال: (إنه لا يستغاث بى، إنما يستغاث بالله تعالى) (٥).

وكان - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - يربى أصحابه - وضوان الله تعالى عليهم - على التوجه إلى الله تعالى في كل شأن، ومن ذلك حديث ابن عمر -


(١) هو الإمام الهمام العالم الربانى أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن ايوب بن سعد الزرعى ثم الدمشقى الحنبلى الشهير بابن قيم الجوزية، ولد رحمه الله سنة: ٦٩١ هـ تفقه في المذهب الحنبلى وبرع فيه وأفتى كما برع في شتى العلوم الإسلامية من التفسير والحديث والفقه والعقيدة، كان من أشد تلامذة شيخ الإسلام ملازمة له وأخذًا عنه، كان عالمًا بمذاهب أهل التصوف وإشاراتهم ومواردهم، صنف في جميع ما برع فيه من العلوم، توفي رحمه الله سنة: ٧٥١ هـ. انظر: الدرر الكامنة، لابن حجر: (٤/ ٢١)، شذرات الذهب: (٦/ ١٦٨).
(٢) مدارج السالكين: (١/ ٣٥١).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التفسير - باب قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} برقم: ٤٤٩٧. ومسلم برقم: ٩٢.
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الديات - باب قول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} برقم: ٦٨٦١، ومسلم برقم: ٨٦.
(٥) قال الهيثمي: [رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث] مجمع الزوائد: (١٠/ ١٥٩).

<<  <   >  >>