- أما التمثيل الذي يقدح في التنزيه؛ فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين.
وهذا الاعتقاد مما تبطله دلالة السمع والفطرة والعقل:
أما السمع فقد أتى بما يدل على امتناع التمثيل ضرورة، قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير}[الشورى: ١١].
أما الفطرة فلما استقر فيها من إثبات الكمال لله تعالى على جهة ينتفى منها كل ما يدل على النقص، إما من جهة التضمن أو الاستلزام، وقد علم تطرق النقص المضاد للكمال في كل صفات المخلوقين، إما لطرو الأعراض المضادة للصفة المحمودة، أو لما تستلزمه من أنواع النقص، كما هو مشاهد ومعلوم ببداهة العقول.
أما العقل فلأنه قد علم بالضرورة بدلالة المخلوقات على وجود من أبدعها، مخالفة ذات الباري تعالى لذوات الخلق، فاقتضى ذلك الاختلاف في الذات أن يكون أيضًا فيما تتصف فيه الذات من الصفات، فالقول في الصفات، كالقول في الذات.
- أما التكييف، الذي يقدح في أصل التنزيه فهو أن يقيد إثبات الصفة بمعرفة الكيف، فلا يثبت شيئًا من الصفات إلا بتكييفها، ومن هنا فإن الفرق بينه وبين التمثل أن يقيد المثبت الممثل كيفية الصفة بماثل، أما التكييف فلا يشترط فيه ذلك.
وبطلان هذا الاعتقاد مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام كسابقه، فقد دل العقل والشرع على امتناعه.
أما العقل فلما سبق بيانه من وجود التلازم بين الذات وصفاتها في الأحكام، فكل ما جاز على الذات جاز على ما اتصفت به، والعكس بالعكس، ومن هنا فإنه لما امتنع معرفة كيفية الذات امتنع معرفة كيفية ما تتصف به من الصفات.