للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا أصل عظيم يعلم به ضلال كل من منع أو أثبت بلا دليل من الكتاب والسنة، وهذا أصل امتناع الإمام مالك عن ذكر الكيفية، حيث قال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) (١).

- أما التعطيل فهو أن يثبت الصفة من جهة اللفظ مع نفى المعنى.

- وأما التحريف فهو أن ينفى المثبت للصفة المعنى الحق ويثبت آخر باطلًا، ليس له أساس يعتمد عليه في ذلك الإثبات بعد النفى (٢).

وكان الإيمان بالأسماء والصفات الحسنى بعيدًا عن هذه الانحرافات أمرًا مستقرًا في نفوس سلف هذه الأمة، ثابتًا في المبادئ والقيم، دون أن تؤثر في صفاته البدع، مستمدًا ذلك الثبات من مقتضى الإيمان الذي اطمأنت قلوب أصحابه به.

وتستند أهمية الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته الحسنى، إلى كونها من صميم الإيمان به سبحانه، لذا كان التوسل بها من أعظم ما شرعه الله تعالى، وتعبدنا به، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠].

كما أن معرفة الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، هي أساس ما يقوم بقلب العبد من عبودية لله تعالى، تقتضى إفراده سبحانه بالعبادة، ولعل هذا من أسرار ختم غالب آيات الكتاب الحكيم بذكر أسمائه جل شأنه.

فإن العبد عند توجه الخطاب له بالتكليف، فالذي يحمله على الامتثال لمقتضى الخطاب من الترك إذا كان نهيًا، أو الفعل إذا كان أمرًا إنما يتحصل منه لما استقر في فطرته من كونه تعالى عالمًا محصيًا سميعًا بصيرًا بكل ما يصدر منه من صغير أو كبير، ومن هنا كانت أهمية الإيمان بهذه الأسماء وترتب الثواب الجزيل على إحصائها بدخول الجنة.


(١) الأثر سبق تخريجه: ٨٠ وانظر: التدمرية لشيخ الإسلام: ٤٣، والقواعد المثلى، للشيخ العثيمين: ٣٦.
(٢) الصواعق المرسلة: (١/ ٢٩٦) وانظر: القواعد المثلى، للشيخ العثيمين: ٣٦.

<<  <   >  >>