للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى تقسيم الصاوي للأسماء على الوجه الذي ذكر مخالفة لدلالة الأسماء على الذات مع الصفات، كما تبين سابقًا؛ إذ تنقصه الدقة المطلوبة في التقسيم الصحيح، حيث قام بالفصل بين ما هو دال على الذات، وما هو دال على الصفة، وما هو دال على الفعل، والصحيح في التقسيم أن "كل اسم من أسمائه سبحانه له صفة خاصة؛ فإن أسماءه أوصاف مدح وكمال، وكل صفة لها مقتضى وفعل إما لازم، وإما متعدٍ" (١) واللازم لا تعلق له. بغير الذات، أما المتعدى فتعلقه يتعدى إلى غير الذات من المخلوقات، إما على جهة الشمول، أو خصوص ما يناسب ذلك الاسم من معنى، ومثال الاسم الذي يتضمن وصفًا لازمًا: (الحى) حيث دل على ذات موصوفة بالحياة فلا تعلق لها بغير الذات.

أما مثال ما يتضمن وصفًا متعديًا له تعلق كلى: (العليم)، فإنه يدل على ذات موصوفة بالعلم متعدية لكل شيء، فالعلم يتحقق بكل شيء ممكن الوجود، وقد يدل الاسم على وصف له تعلق بما يناسبه كاسم (السميع) الذي يتعلق بالمسموعات (٢)

وكل هذه من المسائل التي لها تعلق وثيق بالصفات، لذا سيتضح الكثير منها أثناء الحديث عن الصفات على ضوء منهج السلف الكرام.

* * *

بقى بعد بيان ما وقع فيه الصاوي من خطأ أن نبرهن على صحة ما ذهب إليه من أن أسماء الله تعالى توقيفية وأنها لا تحد بعدد.

- أما عن كونها توقيفية، فذلك لما ورد من النهى والتشديد في القول على الله بغير علم، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣].


(١) مدارج السالكين: (١/ ٤١٨).
(٢) انظر: الفتاوى: (٥/ ٤٩٤).

<<  <   >  >>