للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه، نهى سبحانه عن كل انحراف يخرج عن هذه الدائرة، وسمى ذلك الانحراف إلحادًا (١) وتوعد من وقع به بالجزاء التام وفق ما عمل: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وبهذا يعلم أن الأسماء المتواطئة حقيقة في الخالق والمخلوق، فعند الإطلاق تدل على القدر المشترك وهو حكم كلى لا وجود له إلا في الذهن، أما عند التقييد فإنها تدل على ما يناسب موصوفها من الكمال أو النقص.

هذا من جهة الاسم المتواطئ، كالسميع والعليم، فإنه عند إضافته للمولى تعالى علم اختصاصه به فلا يشاركه فيه أحد لكمال موصوفه وتنزهه عن مقتضيات النقص.

أما ما ثبت انفراد تسمية المولى به عند إطلاقه بما عرف تقييده به: كالله والرحمن، فهذا مما لا ينبغى لأحد سواه.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "جميع أسماء الله وصفاته، يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، ومنها ما دل عليه بالإضافة والتخصيص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه". (٢)

وإذا تحققت دلالة الأسماء الحسنى على الذات العلية والصفة، كما يليق بجلال الله تعالى وعظيم سلطانه، بقى معرفة طرق دلالتها على ما سبق، إذ دلالة الاسم على الذات تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام، ومثاله: اسم (الخالق) فإنه يدل على الذات وعلى صفة الخلق بالمطابقة، وهذه دلالة على تمام المعنى.

أما دلالتها على ذات الرب وحده أو على صفة الخلق وحدها، فتكون بالتضمن وهى دلالة على جزء المعنى.

وتكون دلالتها على صفة العلم والحياة والقدرة بالالتزام؛ لأن هذه الصفات لا بد من توفرها فيمن له القدرة على الخلق، وهذه تسمى: دلالة اللفظ على معنى خارج عنه. (٣)


(١) الإلحاد: هو الميل بأسمائه وصفاته عما يجب في حقها.
(٢) الرسالة التدمرية: ٢٢.
(٣) انظر: الفتاوى: (١٠/ ٢٥٤). وانظر: مدارج السالكين: (١/ ٤١٨).

<<  <   >  >>