للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن كل ما سبق نجد أن الصفة التي يرجع إليها أدلته في التنزيه هي: المخالفة للحوادث فعليها مدار تعطيم المولى وتنزيهه عند الأشاعرة.

* * *

المناقشة:

إن أساس ما اعتمده في عد هذه الصفات من الصفات السلبية لا يسلم له، وذلك لوجوه ترجع إلى ما يجب للمولى تعالى من الكمال في صفاته وأسمائه:

الأول: امتناع قصر نفى النقائص عن الله تعالى بإثبات هذه الصفات دون غيرها، إذ جميع ما يوصف به المولى تعالى من الصفات إلى جانب إثباته للصفة الوجودية من الكمال فإنه ينفى عنه صفة نقص لا تليق به، فصفة العلم تنفى عنه الجهل، والحياة تنفى عنه الموت، والسمع والبصر إلى آخر ما اتصف به المولى تبارك وتعالى.

ثانيًا: أن أي صفة نفى سلبت عن الباري تعالى أمرًا لا يليق به، فإنها في المقابل تثبت له صفة كمال؛ فالمولى تبارك وتعالى أحد أي ليس له مثيل أو شريك، فهذه الصفة وإن كانت في الأصل لنفى المماثل والشريك، فإنها أثبتت في المقابل اتصافه تعالى بكل صفات الكمال والجلال التي لا تليق إلا لجلاله.

ثالثًا: أن هذه الصفات على جهة الخصوص فيها من إثبات إفراد الكمال لله تعالى ما لا ينكره ذو فطرة سليمة، فالقديم مع التجاوز في التسليم لهم بهذا الاسم يقابل الأول، وليس يغيب ما في إثبات أوليته من معانى العظمة والكمال؛ إذ كل ما في هذا الوجود إنما هو مفتقر في وجوده وبقائه إليه سبحانه وتعالى، وهكذا يقال في باقي الصفات.

هذا ومما يلاحظ عند عرض أقوال الصاوى في قضية التنزيه، أو سلب النقائص عن الله عز وجل عددًا من الأمور منها:

أولًا: استناده إلى طريقة التفصيل في النفى، معتمدًا في ذلك على ما يراه العقل

<<  <   >  >>