قبيحًا في حق الله تعالى، وهذا ما يخالف مقتضى تعظيم الله تعالى وإجلاله، كما دل عليه الكتاب والسنة؛ إذ يعتمد تنزيه الله تعالى وتعظيمه فيهما على النفى المجمل، الذي يستوعب جميع أفراد النقص التي ينزه المولى عن الاتصاف بها، ومع ذلك يتعدى إلى إثبات ما يقابل هذه الصفات من كمال؛ إذ السلب المحض لا يعد كمالًا في حق من وصف به إلا أن يؤدى إلى إثبات ما يقابله من كمال (١)، وهذه هي طريقة القرآن الكريم التي نبه اليها وأمر بها في كثير من الآيات، قال تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم: ٦٥]، وقال:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
ثانيًا: مما استند إليه الصاوى في قضية التنزيه، استخدام المصطلحات الكلامية في نفى ما اعتقد أن في إثباته ما يوهم مماثلة الحوادث، حتى جعل هذه المصطلحات: كالجرم، والعرض، والجهة، والمحل، مقياسًا ومرجعًا في كل ما يجب أن يمتنع المولى سبحانه من الاتصاف به؛ فكل معنى يستلزم وصفه تعالى بإحدى هذه المصطلحات وجب نفيه وإبطاله، فإن كان مما ورد به نص الكتاب والسنة عطل بطريق التأويل أو التفويض.
ومن ذلك أنه حين التزم نفى الجرم والعرض عن الله تعالى، قام بتعطيل الباري تعالى عن بعض صفات الذات الخبرية، كالوجه والساق واليد، وكذلك صفات الأفعال الخبرية كالنزول والاستواء، إلى غير ذلك حيث اعتقد أن في إثباتها ما ينفى مخالفته للحوادث.
ولا شك أن في ذلك انحرافًا عن منهج التلقى الذي يعتمد في كل ما يجب أن يتصف به المولى على ما ورد به نص الكتاب والسنة، فالله تعالى أعلم بما يجب أن يتصف به، أو يمتنع عنه، وكذا نبيه - عليه الصلاة والسلام - الذي أتم في ذلك البيان.
وقد وقع الصاوى بهذا المسلك في الابتداع المنهي عنه، حيث اعتمد في مثل هذه المهمات على ما اصطلح عليه المتكلمون؛ دون وقوف عند حدود ما أنزل الله على