للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبديًا ما زال ولا يزال، وكيف يكون لم يزل ولا يزال قائلًا: {يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} [هود: ٤٨].

{يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥].

{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: ١ - ٢] " (١)

ومن هنا امتنع وصف القرآن بالقدم، فالصحيح أن يقال فيه كما أثر عن السلف أنه كلام الله غير مخلوق.

أما كونه معنى واحدًا فـ "مخالف لصريح المعقول وصحيح المنقول، فإنا نعلم بالاضطرار أن معنى آية الكرسي؛ ليس هو معنى آية الدين، ولا معنى قل هو الله أحد، هو معنى تبت يدا أبى لهب، وقد عرب الناس التوراة فوجدوا فيها معانى ليست هي المعاني التي في القرآن، ونحن نعلم قطعًا أن المعاني التي أخبر الله بها في القرآن في قصة بدر وأحد والخندق ونحو ذلك لم ينزلها الله على موسى ابن عمران كما لم ينزل على محمد تحريم السبت، ولا الأمر بقتال عباد العجل فكيف يكون كل كلام الله معنى واحدًا؟ ونحن نعلم بالاضطرار أن الكلام معانيه وحروفه تنقسم إلى خبر وإنشاء، والإنشاء منه الطلب، والطلب ينقسم إلى أمر ونهى، وحقيقة الطلب غير حقيقة الخبر، فكيف لا تكون هذه أقسام الكلام وأنواعه بل هو موصوف بها كلها" (٢)

كما أن "اشتراكها من حيث النوع لا يعني انتفاء المغايرة بينها، كما هو مشاهد في الموجودات التي تقع تحت نوع واحد، وقد ألزمهم شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - بلازم مذهبهم في باقي الصفات، فقال: "هلا جعلتم هذه الصفات حقيقة واحدة، وهذه الخصائص عوارض نسبة لها؟ " (٣) وبطلان اللازم دليل بطلان ملزومه.


(١) منهاج السنة: (٥/ ٤١٨).
(٢) المرجع السابق. وانظر: النبوات: ١٤٦.
(٣) التسعينية: ٧٠٦.

<<  <   >  >>