للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا وإن كان في نفسه جائزًا، لكن القول بإثباته من جملة الصفات يستدعى دليلًا قطعيًا، وهذه الظواهر وإن أمكن حملها على مثل هذه المدلولات، فقد أمكن حملها على غيرها أيضًا، ومع تعارض الاحتمالات وتعدد المدلولات فلا قطع، وما لا قطع عليه من الصفات، لا يصح إثباته للذات" (١).

* * *

رأي الشيخ الصاوي:

يرى الصاوى أن الصفات الأخرى التي وصف الله تعالى بها نفسه، إنما ترجع في الحقيقة إلى تلك الصفات السابقة، لذا فهو لا يرى تقريرها في كتب العقائد التي قام بالتعليق عليها، وهذا ما صرح به في تعليقه على كلام الدردير حول هذا المعنى، حيث قال: فـ "سائر أسمائه وصفاته الواردة، نتائج تلك الصفات". (٢)

ولاعتماده على الأصل الذي ذكره فيما يجب في حق الله تعالى، وهو تنزيهه تعالى عن مماثلة الحوادث، فإنه ما من نص من كتاب ولا سنة يفيد إثبات صفة لله تعالى فيها ما يوهم - عنده - مخالفة لهذا الأصل المبتدع، إلا ورام إبطالها وتنزيه المولى عنها، وله في ذلك مسلكان: مسلك التأويل، ومسلك التفويض.

يقول شارحًا قول اللقانى -:

وكل نص أوهم التشبيها ... أوله أو فوض ورم تنزيها

وعليه فإن موقفه من التأويل يختلف بحسب الصفة، فما اعتقد أن في ظاهرها مماثلة للحوادث، وكان لها تعلق بالإرادة، أرجعها إليها أو فسرها بلازمها (٣) ويذكر لذلك قاعدة تمثل منهجه في إثباتها، يقول: كل ما استحال على الله باعتبار مبدئه وورد، يطلق ويراد لازمه وغايته" (٤)


(١) غاية المرام: ١٣٨.
(٢) حاشية الخريدة البهية: ٤٢.
(٣) حاشية الخريدة: ٧٠.
(٤) حاشية الجلالين: (١/ ١٤٠).

<<  <   >  >>