للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأنه استواء يليق به، فقال: "هذه إشارة لطريق السلف الذين يؤمنون بالمتشابه ويفوضون علمه لله تعالى وهو أسلم ولذا سلكه المفسر، وطريقة الخلف يؤولون الاستواء بالاستيلاء، إذ هو أحد معنى الاستواء. ومنه قول الشاعر:

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق" (١)

- الإتيان والمجيء والنزول: كل هذه الصفات يرى أنها مما لا يمكن إثباتها على ظاهرها بحال، لأن فيها وصف له تعالى بالانتقال، وهذا عنده من صفات الحوادث التي لا تجوز للقديم أبدًا، لذا فهو يؤولها بمجيء أمره أو نزول رحمته تعالى على حسب الأحوال التي وردت فيها هذه الصفات. (٢)

- الوجه: فسره بالرضا عند قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١١٥].

"فليس المراد بوجهه ذاته، بل المراد أينما تولوا وجوهكم في جهة أمركم الله بها تجدوا جهة رضاه". (٣)

- أما في قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٧] فهو يقر تفسير الجلالين بأن المراد منه الذات، ويظهر ذلك من امتناع تعليقه على كلامه. (٤)

- اليد: يفصل القول في طريق إثباتها، فيقول: "طريقة السلف أن اليد صفة من صفاته أزليه كالسمع والبصر، ينشأ عنها الخير لا الشر، فهى أخص من القدرة، لأن القدرة ينشأ عنها جميع الممكنات إيجادًا وإعدامًا، خيرًا أو شرًا ولا يعلمها إلا هو، ويشهد لما قلناه قوله تعالى: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص: ٧٥].

أي: اصطفيته ولم يقل بقدرتى.


(١) حاشية الجلالين: (٣/ ٤٦ - ٢٤٥).
(٢) المرجع السابق: (١/ ٨٩)، (٢/ ٥٤)، وانظر: حاشية جوهرة التوحيد: ٣١.
(٣) حاشية الجلالين: (١/ ٥١).
(٤) انظر: حاشية الجلالين: (٤/ ١٤٧).

<<  <   >  >>