للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قط قط. ولكن هذا الذي ذهب إليه لا يقره الحديث الذي وردت فيه هذه الصفة، وذلك أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن جهنم لن تمتلئ حتى يضع الجبار قدمه فيها فتقول: قط قط). (١) يمنع من إرادة المجاز، فنسبة القدم للرب تعالى صراحة (٢)، مع عدم وجود القرينة الصارفة، تدل على استحالة ما ذكره الصاوى من أن القدم هنا هي القوم الكافرين من أهل النار؛ إذ لا سند له في ذلك، بل القرائن تحف إرادة الحقيقة، وذلك أنه يستحيل إضافة الكفار إلى الله تعالى هكذا مباشرة؛ لأن "إضافة الشيء إلى الله تكريم وتشريف". (٣)

هذا وقد علم أن طلب النار للمزيد يكون بعد أن يلقى فيها جميع أهلها من الكفار، فكيف يقال بأن القدم هنا هم قوم من الكفار؟ (٤)

فيتحتم بعد العلم بامتناع ما ذهبوا إليه أن تجرى هذه الصفة "مجرى بقية الصفات، فتثبت لله على الوجه اللائق بعظمته سبحانه". (٥)

* الساق:

هذه الصفة الكريمة وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، وفي السنة المطهرة في الحديث الشريف، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا. . . إلخ). (٦)

ولكن بعض المفسرين من السلف ذهب إلى تفسير الساق في الآية الكريمة بمعنى الشدة، وهذا المعنى مما عهد عند العرب ومما أثر عن ابن عباس - رضي الله تعالى


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التفسير - باب: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، رقمه ٤٨٤٨.
(٢) انظر: إبطال التأويلات: (١/ ١٩٩).
(٣) شرح العقيدة الواسطية للشيخ العثيمين: (٢/ ٣٣).
(٤) انظر: نقض الإمام الدارمي على المريسى: (١/ ٤٠١).
(٥) شرحه العقيدة الواسطية للشيخ محمد خليل هراس: ١٧٢.
(٦) أخرج البخاري في صحيحه بنحوه: كتاب التفسير - باب يوم يكشف عن ساق، رقمه: ٤٩١٩.

<<  <   >  >>