للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتضاءل عدد السكان الريفيين وتقهقرت الزراعة، ورافق التدهور الاقتصادى وسوء الحكم إهمال طرق المواصلات؛ فأدت هذه الأسباب مجتمعة إلى انعدام الأمن والاستقرار (١).

ويحكى الجبرتى المعاصر ما كانت تقوم به بعض القبائل في أحداث سنة: ١٢١٤ هـ، فيقول: "ومنها وقوف العرب وقطاع الطريق بجميع الجهات القبلية والبحرية والشرقية والغربية والمنوفية والدقهلية وسائر النواحى، فمنعوا السبيل لو بالخفارة، وقطعوا طريق السفار، ونهبوا المارين من أبناء السبيل والتجار، وتسلطوا على القرى والفلاحين وأهل البلاد بالعرى والخطف للمتاع والمواشى من البقر والغنم والجمال والحمير، وإفساد المزارع ورعيها؛ حتى كان أهل البلاد لا يمكنهم الخروج يمواشيهم إلى المزارع للرعى أو للسقى، لترصد العرب لذلك" (٢).

كما كان للسياسة المتجهة نحو الحفاظ على الحكم دون الالتفات إلى متطلبات الشعوب، كالتعليم والصحة والتنمية الاقتصادية والرعاية الاجتماعية، التي هي من أهم دعائم الحياة الاجتماعية السليمة؛ أثر سيئ في تلك المجالات، فقد أدى ذلك إلى حدوث انهيار اقتصادى وفوضوى وتأخر اجتماعى ملموس.

ومن جهة أخرى فإن العناية التي وجهتها الدولة للمدن والبلدان، التي تقع على سواحل البحار والطرق الرئيسية من أجل الحفاظ على سيادتها؛ قد شغلتها عن الكثير من المناطق التي ليس لها تلك الأهمية، فقد تركتها في يد رؤساء القبائل والعائلات، يدبرون أمرها وفق ما تعودوه من وسائل الحرب؛ مما أدى إلى ظهور نوع عنيف من التخلف الاجتماعى في تلك المناطق.

ولم تكن الأوضاع إلا إلى الأسوأ، وذلك عند استقلال بعض البلاد عن الدولة الأم، فقد لاقى الشعب المصرى في عهد محمد على ألوانًا من الاضطهاد والظلم ما


(١) العالم العربى، نجلاء عز الدين: ٩٣.
(٢) مظهر التقديس: ٦٢.

<<  <   >  >>