للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن في القول بأن العمل يدخل في مسمى الإيمان الكامل مناقضة لأصل مذهبه في تعريف الإيمان بأنه التصديق فقط. وهذا معلوم من حال أهل الابتداع حيث يظهر التناقض كثيرًا في تقريرهم لمسائل الاعتقاد.

ومن خلال اعتراض الصاوي على تعريف الخوارج للإيمان بأنه مركب من قول وعمل، نخلص إلى الشبهة التي اعتمدها - كغيره من الأشاعرة - في قصر الإيمان على التصديق دون العمل؛ فإنه جعل دمج المعتزلة العمل في مسمى الإيمان سببًا لاعتقادهم تكفير مرتكب الكبيرة.

والحقيقة أن هذه الشبهة التي اعتمدها في رده لإدخال العمل في صميم الإيمان لا تسلم له؛ بل الذي حمل الخوارج ومنهم المعتزلة على تكفير مرتكب الكبيرة هو اعتقاد كون الإيمان حقيقة واحدة، وأصل واحد، وأن شعبه بمنزلة واحدة، لا يزيد ولا ينقص، وأن نقصان أي شعبة منه يعني زواله بالكلية، فلم يفرقوا بين ما هو أصل منها بحيث ينتفى الإيمان بانتفائه، كالصلاة مثلًا، وما هو من عداد الفروض والواجبات التي لا تقدح في أصل الإيمان، وإنما في كماله الواجب كالجهاد مثلًا.

وهذا ما يمنع الفصل في فهم السلف لحقيقة الإيمان الشرعية، فهو: قول وعمل يزيد وينقص فلا يذهب بالكلية.

يقول الإمام الطبري: "الصواب فيه - أي الإيمان - قول من قال: هو قول وعمل يزيد وينقص، وبه جاء الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه مضى أهل الدين والفضل". (١)

إيماننا قول وقصد وعمل ... تزيده التقوى وينقص بالزلل (٢)

* * *


(١) صريح السنة: ٢٥.
(٢) القصيدة للإمام: محمد بن أحمد السفاريني، تحقيق: أشرف بن عبد المقصود: ٦٨.

<<  <   >  >>