للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن الصاوي في هذه المسألة قد خالف قول الأشاعرة في منع الزيادة والنقصان، واتفق مع السلف في هذه القضية المهمة، وقد كان حرى بمثله أن يوافق السلف في أصل تعريفهم للإيمان واعتقاد كونه قول وعمل، وألَّا يحمله تكفير الخوارج لمرتكب الكبيرة؛ على اعتقاد أن سبب ذلك هو إدخالهم العمل في مسمى الإيمان، وكان عليه أن يدرك أساس ضلالهم، وأنه يرجع في الحقيقة إلى منعهم الزيادة والنقصان في الإيمان.

ولهذا فإن مناقشته في هذه القضية، تعود إلى بيان مكانة العمل ومنزلته من الدين، وما ورد في بيان أهمية إقامة شعائر الإسلام وعلى رأسها الصلاة (١)، وأنه مع موافقته السلف في إمكان الزيادة والنقص إلا أنه يخالفهم في اعتقاد صحة إيمان من تخلى عن العمل بالكلية، وأن ذلك لا يترتب عليه شيء سوى ضعف للإيمان دون زواله بالكلية، وهذا ما يمتنع؛ استدلالًا بما ورد في الكتاب والسنة من بيان مكانة العمل (٢).

وتجدر الإشارة إلى أن الأدلة التي استدل بها الصاوي على زيادة الإيمان ونقصانه هي نفسها أدلة السلف على ذلك. (٣) هذا والأدلة كثيرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف في تقرير هذه الحقيقة. أذكر منها زيادة على ما تقدم:

- قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: ١٢٤].

- ومن السنة في إثبات النقص، ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما رأيت من ناقصات عقل ولا دين أغلب لذى لب منكن. قالت


(١) وهذا ما سيتضح في مبحث التكفير الأسماء والأحكام: ٣٠٠.
(٢) انظر: كتاب الإيمان لشيخ الإسلام: ٣٤٧.
(٣) انظر: كتاب الإيمان لشيخ الإسلام: ٢١٩ - ٢٢٤.

<<  <   >  >>