للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن اختلاف تفسير الإيمان عن الإسلام لا يقضى بالتغاير، بل كل هذا من الدين الذي أتى جبريل - عليه السلام - من أجل بيانه وتعليمه إياه لكم. وكان هذا هو استنباط الإمام البخاري - رحمه الله -، حيث قال: [فجعل ذلك كله دينًا] (١).

مما تقرر عند السلف أنه لا إيمان إلا بالعمل وكذلك لا إسلام إلا بالتصديق؛ فقد دلت نصوص الشرع على أن المؤمن، أو المسلم هو من استكمل فعل ما افترضه الله تعالى عليه. (٢)

- اجتماع كل منهما في الدلالة على الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده وامتدح من اتصف به، ورتب السعادة في الدارين على الالتزام به. (٣)

مما يدل على ذلك قوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

وقال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: ١٢٥].

وفي بيان وجه الاستدلال يقول شيخ الإسلام: "فمدح الله الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان، وجعله اسم ثناء وتزكية". (٤)

وفيما يلى كلام للإمام ابن رجب يوضح فيه بجلاء تام معنى قولهم: إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، يقول: "من الأسماء ما يكون شاملًا لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالًا على بعض تلك المسميات، والاسم المقرون به دالًا على باقيها، وهذا كاسم الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه كل من هو محتاج، فإذا قرن أحدهما بالآخر دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوى الحاجات والآخر على باقيها". (٥)


(١) انظر: صحيح البخاري مع الفتح: كتاب الإيمان - باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة وبيان النبي، رقم الحديث: ٣٧، وانظر: تعليق الإمام ابن حجر على كلام البخاري في نفس المعنى: (١/ ١١٥).
(٢) انظر: فتاوى شيخ إلاسلام: (٧/ ٣٥٩).
(٣) انظر: تعظيم قدر الصلاة للإمام المروزي: (١/ ٣٤٥). والمرجع السابق: (٧/ ٣٦٤).
(٤) مجموع الفتاوى: (٧/ ٣٦٤).
(٥) جامع العلوم والحكم: ١٠٩.

<<  <   >  >>