للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم بين - رحمه الله تعالى - بعد تمحيصه لحقيقة الفرق بين كلام السلف والمرجئة في العلاقة بين الإسلام والإيمان، مدى بعد ما أرادوا بقولهم كل مؤمن مسلم عن مراد السلف - رحمهم الله تعالى -، حتى قال: "فقولهم في غاية المباينة لقول السلف، ليس في الأقوال أبعد عن السلف منه". (١)

وحقيقة كلام المرجئة الجهمية مردود بكل حال؛ إذ التلازم بين الإيمان والإسلام يحتم أن يتبع التصديق العمل، وألَّا يحكم بإيمان من امتنع عن الإتيان به ما دام قادرًا على ذلك؛ لأن القاعدة تقول: الإرادة الجازمة مع القدرة التامة تنتج العمل (٢) , فما دام أنه قد صدق؛ فالواجب أن يظهر عليه لازم ذلك التصديق من العمل الواجب؛ وإلا امتنع الحكم عليه بالإيمان.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ما ذهب إليه الصاوي في تفسير آية الأعراب بأن المراد من الإسلام فيها هو المعنى اللغوى وهو مطلق الانقياد، مؤكدًا بذلك على قضية التلازم بينهما هو أحد الأقوال فيها، والراجح أن المراد به - كما ذهب إلى ذلك جمع من أهل العلم - هو الإسلام الشرعي وأن ذلك لا يؤدى إلى منع التلازم بينهما بل يرجع إلى ما سبق بيانه من منع التسمية الموجبة للمدح، مع الإقرار بأصل الإيمان عندهم، وإلا لخرجوا من دائرة الإسلام بالكلية، وهذا ما يخالف معتقد أهل السنة والجماعة.

* * *


(١) الإيمان: ١٥١.
(٢) انظر: الفتاوى: (٧/ ٥٢٥).

<<  <   >  >>