وقد أشرت من خلال عرضي لرأى الشيخ الصاوي أنه في علاقة المسلم بالمؤمن قد وقع في نوع من التناقض؛ حيث أثبت وجود التلازم بين الإيمان والإسلام الشرعيان - وهذا التلازم في الأصل مسلم له - ولكنه مع ذلك أقر بإيمان من حصل منه التصديق ولم يتبعه بإقرار مع قدرته على الإتيان به، وخالف بذلك ما أوجبه في ثبوت الإسلام، وبإقراره لمثل هذا الإيمان جوز أمرًا قد أجمع السلف على بطلانه، وهو إثبات الإيمان للمعين مع انتفاء الإسلام عنه، فيكون بذلك مؤمنًا غير مسلم. فإنه مع تفسيره للإسلام بالإذعان القلبى، إلا أنه حكم بفرضية الإقرار لثبوت الإسلام للمذعن فلا يكون مسلمًا - عنده - إلا من ثبت عنه الإقرار، بخلاف باقي الأركان الخمس.
هذا مع أن القاعدة المجمع عليها، تقول: كل مؤمن مسلم، وإنما وقع الخلاف في العكس.
يقول شيخ الإسلام في بيان هذه الحقيقة:"وهذا الذي ذكروه مع بطلانه ومخالفته للكتاب والسنة هو تناقض. . . أما الجهمية فيجعلونه تصديق القلب، فلا تكون الشهادتان ولا الصلاة ولا الزكاة ولا غيرهن من الإيمان، وقد تقدم ما بينه الله ورسوله من أن الإسلام داخل في الإيمان، فلا يكون الرجل مؤمنًا حتى يكون مسلمًا، كما أن الإيمان داخل في الإحسان، فلا يكون محسنًا حتى يكون مؤمنًا". (١)
وقال - رحمه الله - أيضًا في معرض تفنيده لمثل هذه الأقوال التي تعارض ما هو معلوم من الدين بالضرورة:"ثم قولكم كل مؤمن مسلم، إن كنتم تريدون بالإيمان تصديق القلب فقط؛ فيلزم أن يكون الرجل مسلمًا ولو لم يتكلم بالشهادتين وما أتى بشيء من الأعمال المأمور بها، وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة من دين الإسلام".