للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصراح. (١)، وخالفوا بهذا صريح ما ثبت من النصوص الدالة على انتفاء الوصف بالإيمان لمرتكب الكبائر مع ثبوت الإسلام له، وأنه لا يخرج من كليهما إلا الكفر بالله تعالى. (٢)

ولما استقر هذا الأمر في اعتقادهم وتمكنت هذه الشبهة العقلية حتى غدت أصلًا من أصولهم؛ بنوا على أساسها فهمهم لنصوص الشارع الحكيم، فأخذوا بعمومات الوعيد وأغرقوا في إعمالها على ظاهرها، وقصروا في الجهة المقابلة بما يتعلق بنصوص الوعد وأعملوا فيها بالتأويل والرد، ولهم في ذلك شبه، كلها ترجع إلى ما سبق بيانه من تغليب جانب الوعيد على الوعد.

هذا وقد أشرت سابقًا إلى الفرقة التي تبنت التيار المواجه لفكر الخوارج من أجل دحض ما خالفوا به إجماع الأمة، والثابت من النصوص الشرعية من عدم تكفير مرتكب الكبيرة، فقد حملهم هذا التوجه المندفع إلى عدم الفهم الصحيح لحقيقة النزاع أو ما يسمى بتحرير محل النزاع، فقاموا بشن هجوم عنيف على الحقيقة التي دلت عليها نصوص الكتاب والسنة من كون الإيمان قول وعمل، ولم يدركوا أن السبب في الضلال أولئك هو القول بعدم الزيادة والنقصان، فأرادوا أن يدرؤوا باطلًا بآخر؛ فقصروا الإيمان على التصديق، ومنعوا إدخال العمل في مسماه حتى لا يؤدى التقصير فيه إلى ذهابه بالكلية. (٣)

* * *

وقد التزمت الأشاعرة نفس الأصل المعتمد لدى الخوارج في منعهم من اعتقاد تشعب الإيمان لإمكان حصول التناقض باجتماع النقيضين عند زوال بعض الشعب


(١) انظر: شرح الأصول الخمسة: ٧٠٥.
(٢) الشرح والإبانة على أصول الديانة، للإمام: ابن بطة العكبرى: ٢٠١.
(٣) انظر: الكلام على حقيقة الإسلام والإيمان، لشيخ الإسلام: ٢٤٢. وقد سبق مناقشتهم في مبحث حقيقة الإيمان الشرعية.

<<  <   >  >>