وقد استدل - رحمه الله - بهذه الآية الكريمة، وبغيرها من الأدلة الكافية في بيان هذا الأصل المجمع عليه عند السلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -.
ومن كل ما سبق نصل إلى أن حقيقة الكفر، كما دلت عليها نصوص الكتاب والسنة إنما تكون بمناقضة الإيمان الشرعي المركب من الاعتقاد والقول والعمل، فكل ما ناقض هذه الأصول هو كفر صراح مخرج من الملة بالكلية.
فأنواع الكفر الأكبر المنافى للإيمان إضافة إلى ما ذكره الصاوي، كما بينها العلماء هي:
- كفر الشرك:
فقد تقدم أنه لا يتحقق التصديق بالله تعالى إلا بتوحيده عن مماثلة الغير ذاتًا وأفعالًا، وصفاتًا، كما أنه لا يتحقق لازم التصديق من العمل إلا بتوفر شرطى القبول: الإخلاص والمتابعة، ركنى توحيد الإرادة والقصد.
فالارتباط إذًا واضح، بين حقيقة الإيمان المنجى، والتوحيد المعتمد الذي يجعل تحقق كل واحد منهما لازمًا لوجود الآخر، وانتفاء أحدهما دليلًا على انتفاء الثاني، فالتصديق الذي هو أصل الإيمان مرادف لقرار بربوبيته تعالى، ولازمه من العمل الصالح مرادف لتوحيد الألوهية.
وعليه، فأى إخلال يقدح في التوحيد من ناحية الاعتقاد أو العمل يعد كفرًا مناقضًا للإيمان مخرجًا لصاحبه من الملة.
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - في بيان هذا الشرك الذي صدق على أصحابه وصفهم بالكفر: "وهذه التسوية إنما كانت في الحب والتأليه واتباع ما شرعوا، لا في الخلق والقدرة والربوبية، وهى العدل الذي أخبر به عن الكفار.