للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصح القولين أن معنى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}، فيجعلون له عدلًا يحبونه ويقدسونه ويعبدونه، كما يعبدون الله". (١)

- كفر الإعراض والتولى:

قال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ٣٢].

وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: ١٢٤].

وقال: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: ٤٨].

والنصوص الثابتة من جهة الشرع في الدلالة على أن الإعراض بالقلب أو العمل عن مقتضى الإيمان من الانقياد بالقلب واللسان لما يرضى الرحمن كثيرة ومتضافرة، وقد أشرت إلى هذا عند بدء الحديث عن حقيقة الكفر المناقض للإيمان.

ولى أن أقف مع عمل من الأعمال الظاهرة، قد استفاضت الأدلة الشرعية في بيان مكانته من الإيمان، بحيث لو انتفى الإتيان به كان دالًا على وجود موجبه من الكفر المخرج من الملة: الصلاة، ذلكم المعلم البارز الدال على حقيقة التدين، حتى استحق أن يكون الحد والمانع بين النقيضين: الكفر والإيمان.

فمن تلك الأدلة قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). (٢)

ولا شك في أن مجى الكفر معرفًا في الحديث؛ دليلًا على تحديده بالكفر المعهود الذي صار علمًا على مناقضة الإيمان بالكلية.


(١) مفتاح دار السعادة لابن القيم: (٢/ ١٣٢).
(٢) أخرجه الترمذي: كتاب الإيمان - باب ما جاء في ترك الصلاة، رقم الحديث: ٢٦٢١. وقال: حديث حسن صحيح غريب: (٥/ ١٥). وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم: ٢١١٣: (٢/ ٣٢٩). وأخرجه ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، رقم الحديث: ١٠٧٩: (١/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>