الأسرة وما يتعلق بها من أنظمة ومتطلبات؛ فالأسرة هي نواة المجتمع، فقد كانت الأسرة في الدولة العثمانية بطبيعة الأمر متدينة بالإسلام، ولكن الجهل الذي عم أرجاء البلاد كان له أسوأة الأثر في ظهور بعض العادات السيئة، التي برزت في المجتمع.
فالمرأة في ذلك العهد غالبًا لم تكن تحظى بأى اهتمام لتقويم سلوكها سوى ما كان يملى عليها من بعض التوجيهات التربوية، والتى مع مرور الوقت لم تعد تملك مواجهة التحديات السافرة؛ لأنها أضحت من جملة العادات والتقاليد، فهى بذلك رهينة لأى تعديل يمكن أن تتعرض له إذا تهيأت له الظروف المواتية من الداخل أو الخارج؛ لذا فإن المتأمل في حال المرأة التي هي من أهم العناصر الفعالة في التأثير على الأسرة، يجد أنها كانت تعيش في حالة من الظلم الاجتماعى المؤلم - خصوصًا في المجتمعات الريفية - حيث تحيط بها الخرافات والأوهام من كل جانب، وحيث تتملكها الاضطرابات والقلاقل النفسية، فلا تلبث أن تلقى بنفسها أمام ما يمليه عليها الساحر الذي حظى بجمهرة كبيرة من النساء السذج، والذي كثيرًا ما يلبس عليهن باسم السيد أو الولى، لقاء ما تجود به أيديهن المرتبكة، كما كانت زيارة القبور والتعلق بأصحابها والاستغاثة بهم من أجل حصول المراد ودفع المخاوف والبلايا مما يكثر فعله من النساء ربات البيوت.
يقول الشيخ محمد قطب في وصف حالة النساء آنذاك: إن المرأة كانت مظلومة بالفعل، وكانت تعامل معاملة سيئة بالفعل، وكانت تعير بأنها جاهلة، وبأن مهمتها هي أن تحمل وتلد ولا شأن لها بشيء آخر، وكانت هذه نظرة جاهلية تسربت إلى المجتمع المسلم حين تخلف عقديًا، وفسد كثير من مفاهيمه الإسلامية، والجاهليات تجنح غالبًا إلى تحقير المرأة وازدرائها، إلا أن تجنح كالجاهلية الإغريقية الرومانية ووريثتها الجاهلية المعاصرة إلى تدليل المرأة وإفسادها خلقيًا لتصبح مسرحًا لشهوة الرجل.