للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- دعاء المؤمنين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه). (١)

- ويدخل فيه كل ما يصل إلى الميت من بر وصلة، كما دل عليه حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية. وعلم ينتفع به. وولد صالح يدعو له). (٢)

- وكل ما يلقاه المسلم بعد موته من ضمة القبر أو عذابه وأهوال يوم القيامة، فهو من المكفرات إذ لا تخرج عن جملة البلايا المكفرة للذنوب. (٣)

وفي رده على الشبه النقلية للوعيدية، نجده قد وافق الحق الذي عليه سلف الأمة، ومع ذلك لا يخلو الأمر من بعض التوجيهات في هذه القضية الشائكة والتي قام بعرض أقوال السلف فيها دون ترجيح لراجح منها، بحيث لا يرد عليه اعتراض من صاحب هوى، وذلك أن القول الأول الذي أورده كجواب على المعترض باعتبار السبب دون عموم اللفظ وهو الاستحلال، لا يقوى في الرد على شبههم، لأنه من الثابت في أصول الفقه أن ترتب الحكم على الوصف المناسب يدل على كونه علة له، وهو ما يسمى بدوران الحكم مع العلة وجودًا وعدمًا (٤)، كما أن منشأ استحقاق الوعيد هو قتل العمد لا الكفر لأنه ليس بعد الكفر ذنب، فدل على أن ارتكاب جريمة القتل في حق المؤمن هو المراد بالوعيد الوارد في الآية.

أما الجواب الثاني وهو: هذا جزاؤه إن جازاه، فقد أجاد في بيان عدم كفايته، ولكن الأقوى أن يقال: إن هذا القول يفضي إلى اعتقاد أن كلامه سبحانه منه ما هو محض خبر، لأنه إما أن يتحقق وقوعه أو لا يتحقق.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في: كتاب الجنائز - باب: من صلى عليه أربعون شفعوا فيه: (٧/ ١٨).
(٢) رواه الترمذي في: كتاب الأحكام - باب في الوقف، رقم الحديث: ١٣٧٦، وقال: حديث حسن صحيح: (٣/ ٦٦٠).
(٣) انظر: الفتاوى: (٧/ ٤٨٧، ٥٠١).
(٤) انظر: روضة الناظر وجنة المناظر، لابن قدامة المقدسي: (١/ ٢٤٥).

<<  <   >  >>