للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالفرض الأول: وهو إمكان وقوعه لبعض أهل الكبائر يقضي بخلودهم في النار، وهذا مخالف لصريح النصوص الشرعية الحاكمة بعدم خلودهم فيها.

أما الفرض الثاني: وهو القطع بعدم تحققه، فإنه يفضي إلى ما سبق بيانه من اعتقاد أن كلامه سبحانه منه ما هو محض أخبار لا يلزم من الإخبار بها أن تتحقق، وهذا باطل. وقد يفتح بابًا للتأويل الغير معتبر شرعًا، المبني على غير أساس من الصحة.

وكان جوابه الثالث الذي أورده وهو تأويل الخلود في حق مرتكبي الكبائر بطول المكث موافقًا للكثير من أهل السنة وقد احتجوا باستعماله في اللغة، وذلك أن استعمال الخلود لطول المكث مما عهد في لغة العرب، قال الشاعر:

فوقفت أسألها وكيف سؤالنا ... صمًا خوالد ما يبين كلامها (١)

يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله -: "وبتقدير دخول القاتل في النار إما على قول ابن عباس ومن وافقه أنه لا توبة له، أو على قول الجمهور حيث لا عمل له صالحًا ينجو به فليس بمخلد بها أبدًا، بل الخلود هو المكث الطويل" (٢)

وقد اعترض عليه بأنه يفتح باب التأويل لجميع النصوص التي ورد فيها الخلود بأنه المكث الطويل بما في ذلك الخلود في الجنة للمؤمنين والخلود في النار للكافرين. (٣)

يقول الحافظ ابن حجر: "وقيل: المراد بالخلود طول المدة لا حقيقة الدوام كأنه يقول: يخلد مدة معينة، وهذا أبعدها". (٤)

والقول الفصل في الجمع بين نصوص الوعد التي قضت بخلود المؤمنين إما على سبيل النجاة الكاملة أو مع وقوع العذاب واندفاعه بعد ذلك لتحقق موجب الوعد


(١) ديوان لبيد بن ربيعة ضمن شرح المعلقات العشر، أحمد الأمين الشنقيطي: ٧٥.
(٢) تفسير القرآن العظيم: (١/ ٧٠٢).
(٣) انظر: الوعد الأخروي، د/ عيسى السعدي: (٢/ ٥٦٨).
(٤) الفتح: (٣/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>