للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القائل يتوجب عليه بمجرد التلفظ بها القيام بحقوقها وحمايتها من فعل ما يناقض حقيقة الإقرار والتسليم لمقتضاها.

فمع انتشار الجهل، وعموم البلوى بظهور ضعاف العلم؛ وقع الكثير في اعتقاد أن التلفظ بها كافٍ في الحماية من الكفر بأنواعه. هنا أتت كلماته الصادقة - رحمه الله - تلفت الانتباه وتوقظ الغافلين من سبات الجهل والضلال إلى "أن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة هو إفراد الله تعالى بالتعلق، والكفر بما يعبد من دونه والبراءة منه". (١)

وحرصًا منه - رحمه الله - على جلاء هذه الحقيقة التي شوهت معالمها عند الكثير، عمل جاهدا على إبراز معالم الدين المنزل من عند الله تعالى على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحقيقة ما كان يدعو إليه من الدعوة إلى توحيد الألوهية ومحاربة ألوان الشرك التي أفرزها البعد عن هدى الرسل والأنبياء - صلى الله عليهم وسلم -، وقد استدعى هذا أن يبين حقيقة الشرك الذي وقع فيه كفار قريش وكيف أنه لم يكن الداعي إليه اعتقاد مصرف غيره في الكون وإنما أتي القوم من قبل أنفسهم باعتقاد أن ثمة ما يقربهم إليه سبحانه بأنواع الوسائط والشفاعات الشركية، التي تقدح في حقيقة ما دعا إليه الرسل بقولهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، كما بين ذلك القرآن الكريم، ودل عليه صراحة.

كل هذا كان محل أولى اهتمامات الشيخ - رحمه الله - في دعوته الناس في سائر الأقطار، فقد أهاله أن تقال هذه الكلمة، ثم لا يكون ذلك رادعًا من الوقوع فيما يناقضها رأسًا، بأن تنتهك حرمات هذا الدين من قبل الدجالين تحت شعارات زائفة باسم الولاية والكرامة إلى غير ذلك. (٢)

فأتت دعوته المباركة واضحة المقصد نبيلة الغاية، ترنو إلى إعادة التصور السليم لحقيقة التوحيد، كما أنزل به القرآن غضًا طريًا على محمد - صلى الله عليه وسلم -.


(١) مجموعة التوحيد: ١٠٢.
(٢) وسيأتي الحديث عنها بمشيئة الله تعالى في باب التصوف مع بيان حقيقتها الشرعية وما داخلها من أكاذيب وافتراءات: ٧٧٨.

<<  <   >  >>