للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: "اعلم - رحمك الله -: أن التوحيد هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله به إلى عباده.

فأولهم نوح - عليه السلام - أرسله الله إلى قومه لما غلو في الصالحين: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر.

وآخر الرسل محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين، أرسله الله إلى أناس يتعبدون، ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيرًا، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله، يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله، ونريد شفاعتهم عنده، مثل الملائكة، وعيسى، ومريم، وأناس غيرهم من الصالحين، بعث الله إليهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يجدد لهم دين أبيهم إبراهيم - عليه السلام - ويخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله، لا يصلح منه شيء لا لملك مقرب ولا نبى مرسل، فضلًا عن غيرهما" (١)

وبناء على هذا العرض المجمل لأهم ما دعا إليه الإمام - رحمه الله -، يتبين ضلال من قام باتهام الشيخ بأنه مكفر للمسلمين مضلل لهم بغير سلطان ولا بينة، ومع هذا فقد كان الشيخ - رحمه الله - رجل علم وصاحب حق على ورع وتقوى متبع لمنهج السلف الكرام في هذه المسائل العظام قد فرق بين كفر المعاند الضال، وبين الجاهل من عامة المسلمين.

وبهذا يكون الإمام قد فارق الخوارج من كل جانب، أولها: أنه لم يكفر أحدًا لارتكاب الكبيرة، كما فعل الخوارج من قبل، بل الكافر شرعًا - عنده - هو من أتى بناقض من نواقض الإيمان القولية أو الفعلية أو الاعتقادية، كما اتضح سابقًا عند عرض منهج السلف الكرام في هذه القضية.

يقول - رحمه الله -: "ولا أكفر أحدًا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه عن دائرة الإسلام" (٢)


(١) مجموعة التوحيد: ٩٩.
(٢) مجموعة مؤلفات الشيخ: (٥/ ١١).

<<  <   >  >>