قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في بيان أصل خلقهم:(خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم). (١)
وقال تعالى في بيان ما جبلوا عليه من صفات حميدة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٢٦ - ٢٩].
والإيمان بالملائكة الأطهار من الحقائق الغيبية، التي نوه القرآن بشأن من حقق التصديق بها، وقال:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}[البقرة: ١٧٧].
ولم يكتف الشارع الحكيم بأن أوجب الإيمان بها، بل جعل هذا الإيمان مقتضيًا لمحبتها وموالاتها، والاقتداء بها، والمهابة منها.
أما عن محبتها وموالاتها، فقد جعل معاداة ملك من الملائكة سبيلًا لمعاداته تعالى قال تعالى في شأن اليهود:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[البقرة: ٩٧].
ثم أتبع ذلك ببيان أن من عادى ملائكة الله تعالى، فقد استحق الوصم بالكفر الموجب لغضب الله ولعنته:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة: ٩٨].
أما عن الاقتداء بها، فقد نوه المولى تعالى بعظيم عبادتها لله وحسن إخباتها لربها وإدامتها لأنواع العبادة والذكر بما يجعلها أسوة للعابدين الذاكرين، قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا
(١) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الزهد والرقائق - باب في أحاديث متفرقة: (١٨/ ١٢٣).