أما عن مهابتها، فقد بين المولى تعالى ما جبل عليه ملائكته الموكلين بالعذاب من عظم الهيئة والغلظة وتمام الطاعة لأمر ربهم، فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
- هذا والحديث عن ثمار الإيمان بهم، وما يستلزمه حقيقة التصديق بما ورد في حقهم حديث عظيم، فإن العبد إذا استشعر معية الملائكة له في حال عبادته لربه، كالذكر والدعاء والصلاة والعلم والجهاد، فإنه لا يخفى ما يضفيه ذلك الشعور النابع من حقيقة التسليم على ممارسته لتلك العبادات من جد واجتهاد، وزيادة في الإخلاص، وكلما كان إيمانه بهذه الحقائق الغيبية أقوى، كلما ازداد أثرها، وآتت ثمرها بإذن ربها.
ثم إن في استشعار معيتها، وما تقوم به من أنواع التكاليف المتعلقة بإثابة العبد المؤمن، كالحفظ والاستغفار وحضور مجال الذكر وإنزال السكينة، ما يعينه على الثبات في الطاعة، ويملأ عليه أجواء تلك العبادة بالأنس والطمأنينة، يقول الشيخ محمد قطب:"ويزيد أنس الإنسان بالملائكة حين يعلم أنهم قريبون منه وأن بعضهم يسير معه حيث سار، وبعضهم يتنزلون عليه بالسكينة والطمأنينة؛ كلما أقبل على الله وتوجه إليه.