للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتعرض الصاوي لوصف بعض طوائف الملائكة، وذلك عند تفسيره للآيات الواردة فيها، يقول في صفة حملة العرش: "اعلم أن حملة العرش أعلى طبقات الملائكة، وأولهم وجودًا وهم في الدنيا أربعة، وفي يوم القيامة ثمانية".

ويسترسل في وصفهم على ما يراه ثابتًا فيهم، يقول: "ورد أن لكل ملك منهم وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر، وكل وجه من الأربعة يسأل الله الرزق لذلك الجنس، ولكل واحد منهم أربعة أجنحة، جناحان على وجهه مخافة أن ينظر إلى العرش فيتصدع، وجناحان يصفق بهما في الهواء، يروى أن أقدامهم في تخوم الأرض السفلي، والأرضون والسموات إلى حجزهم، ورءوسهم خرقت العرش، وهم خشوع لا يرفعون أطرافهم، وهم أشد خوفًا من أهل السابعة، وأهلها أشد خوفًا من أهل السادسة وهكذا". (١)

وفي تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ} [الرعد: ١١]، يقول: هي "ملائكة تحصي الأعمال لما ورد: إن كل إنسان له ملكان ملك عن يمينه وملك عن شماله، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين حالًا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: اصبر لعله يتوب منها، فإن لم يتب منها كتبها صاحب الشمال.

وقيل المراد بالحفظة: الملائكة الموكلون بحفظ ذوات العبيد من الحوادث والآفات، وهم عشرة بالليل وعشرة بالنهار، وقيل المراد ما هو أعم، وهو الأتم".

ويبين بعد ذلك جواب ما قد يرد من استفسار حول الحكمة من تواجد مثل هذه الأنواع من الملائكة، يقول: فـ "إن قلت إن الله هو الحافظ فلم وكلت الملائكة بحفظ الشخص، أجيب بأن ذلك تكرمة لبني آدم وإظهار لفضلهم، والحكمة في كون الملائكة تكتب على الشخص ما صدر منه؛ أنه إذا علم ذلك ربما كان ذلك داعيًا للخوف والإنزجار عن فعل القبائح والمعاصى" (٢).


(١) المرجع السابق: (٤/ ٣).
(٢) المرجع السابق: (٢/ ١٩).

<<  <   >  >>