للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يفصل القول في بيان مهام هؤلاء الرؤساء من الملائكة: "فجبريل موكل بالوحي، وميكائيل موكل بالأرزاق، وإسرافيل موكل بالصور، وعزرائيل موكل بالأرواح" (١).

وهذا الإيمان لا يكون إلا وفق ما أتت به الأخبار الصادقة عن صفاتهم، مقرونًا بالاحترام والإكرام، يقول: "يجب الإيمان بالملائكة، أي بأنهم عباد مكرمون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة".

وتأكيدًا لهذا المعنى، وإبعادًا لكل ما يناقضه فإنه يحكم على "من نقص واحد منهم بالكفر، ومن التنقيص قول بعض العامة في حق أعوان الظلمة: إنهم كزبانية جهنم، وقولهم في حق رجل عبوس: إنه كعزرائيل". (٢)

ولما كانت الملائكة، كما أتت بذلك الآيات والأحاديث، على هيئة مغايرة للمعهود من المخلوقات، فإنه ينبه إلى بعض ما يمتازون به عن البشر؛ استنباطًا من تلك الآيات والأحاديث الصحيحة، يقول: "ومن خصائصهم أن لهم قدرة على الأفعال العظيمة، كقلع الجبل مثلًا، ولا يموتون إلا بين النفختين، يسكنون العالم العلوي، وينزلون الأرض لتدبير العالم على حسب مناصبهم، وهم أكثر المخلوقات عددًا، فعوالم البر والبحر بالنسبة لهم، كشعرة بيضاء في ثور أسود، وما يعلم جنود ربك إلا هو" (٣)

ولكل ما تقدم فلم يكن من مقدور البشر رؤيتهم على صورتهم الحقيقية، فإنه "لم يرى الملك على صورته الأصلية أحد من البشر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرة في الأرض عند غار حراء، ومرة في السماء عند سدرة المنتهى ليلة الإسراء" (٤).


(١) شرح المنظومة: ١٤٢، حاشية الجلالين: (٣/ ٢٤٥).
(٢) حاشية الجوهرة: ٤٦.
(٣) حاشية الصلوات: ٤١. وانظر: حاشية الجلالين: (٢/ ٣١٤).
(٤) حاشية الجلالين: (٢/ ٥).

<<  <   >  >>