وفي إضافة الشياطين إلى الإنس في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[الأنعام: ١١٢]. قولان يرى أنهما في الصحة سواء، يقول: الشياطين "جمع مارد وهو المتمرد المستعد للشر، وقدم شياطين الإنس؛ لأنهم أقوى في الإيذاء، فإن شيطان الإنس أشد على شيطان الجن، وذلك إذا تعوذت بالله ذهب عنى شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي.
وقيل: إن الشياطين كلهم من إبليس، وذلك أنه فرق أولاده فرقتين توسوس للإنس؛ وتسمى شياطين الإنس، وفرقة توسوس لصلحاء الجن؛ وتسمى شياطين الجن، وكل صحيح". (١)
* * *
تعليق:
لا شك في صحة ما ذهب إليه الصاوي عند تعريفه للجن، ومن ثم التفريق بينهم وبين الملائكة الأبرار، ولكن أوجه المفارقة بينهم وبين الملائكة لا تقتصر على ما أورده الصاوي، بل هناك العديد من الفروق التي دلت عليها الكتاب والسنة، فالملائكة علاوة على أنهم خلق من النور، وأنهم لا تحكمهم الصورة التي يتشكلون بها، فهم خلق طاهر كريم خلقوا للعبادة ليس لهم شهوات ولا أهواء، أما الجن فلهم أهواء وشهوات، ومنهم الكافر ومنهم المؤمن، كما أنهم مكلفون بالطاعة والاتباع وما يترتب عليه الوعد والوعيد فهم في الأحكام يقربون من عالم الإنس، ولكن من جهة الغيبية والخفاء يقربون من عالم الملائكة، واستقصاء الفروق مما يطول الحديث فيه، ولكن حاولت التنبيه إلى أهمها؛ استنادًا لما ورد في حديث الكتاب والسنة عنهم.