للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المريد، كقوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا} [النساء: ١١٧].

وغير ذلك من الأوصاف التي تدل على اختلافهم وتباينهم، مع اتحادهم في أصل الخلقة، فليس لأحد أن يذكر نسبة الشياطين إلى الجن وإبليس لهم، فقد ورد في الآية الكريمة حديث أحدهم بأنه قال: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} [الجن: ٤].

- وبناء على ما تقدم فإن علاقة الشيطان بالجن علاقة واضحة حيث يسمى الكافر من الجن شيطانًا وهذا يظهر من الحديث الصحيح الذي أوردته آنفا, والذي ورد فيه النهي عن قتل الحيات، والشاهد منه أنه - عليه الصلاة والسلام - سمى الحية العامرة التي تستأذن بالشيطان.

وهذا المعنى بين واضح في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١١].

- بقيت مسألة تتعلق بمفهوم هذه الآية الكريمة، وهي هل هناك شياطين من جنس الإنس كما هو ظاهر الآية؟ أم أن الشياطين هي مردة الجن، وإنما أضيفت إلى الإنس باعتبار مهمة الوسوسة، كما تقدم بيانه من آراء الصاوي؟

أولًا: لا بد من العلم بأن القول بكلا المعنيين مما أثر عن السلف - رضوان الله عليهم - وقد روى الإمام ابن جرير الطبري هذه الأقوال في تفسيره، إلا أنه بعد عرضها ونسبتها إلى القائلين بها رجح - رحمه الله - أن القول الأول هو الراجح منها، يقول: "وليس لهذا التأويل وجه مفهوم - يعني به المعنى الثاني -، لأن الله جعل إبليس وولده أعداء ابن آدم، فكل ولده لكل ولده عدو، وقد حصر الله في هذه الآية الخبر عن الأنبياء أنه جعل لهم من الشياطين أعداءً، فلو كان معنيًا بذلك الشياطين الذين ذكرهم السدي، الذين هم ولد إبليس، لم يكن لخصوص الأنبياء بالخبر عنهم، وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" عن أبي ذر

<<  <   >  >>