يقول الشيخ الشنقيطي - رحمه الله - مبينًا هذا الأصل في حجية الإلهام من غير الأنبياء:"المقرر في الأصول أن الإلهام من الأولياء لا يجوز الاستدلال به على شيء لعدم العصمة، وعدم الدليل على الاستدلال به، بل ولوجود الدليل على عدم جواز الاستدلال به".
وبهذا يتبين الفرق بين الإلهام الذي يكون للأنبياء، وبين ما يمكن أن يقع لغيرهم، حيث بين الصاوي أن إلهام الأنبياء معصوم فلا يمكن أن يداخله وهم أو وسوسة، أما إلهام غيرهم فليس له عصمة من ذلك بل يجوز عليه تلك الأحوال.
يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله -: "هذه الأمور لا يصح أن تراعى وتعتبر إلا بشرط ألا تخرم حكمًا شرعيًا ليس بحق في نفسه، بل هو إما خيال ووهم، وإما من إلقاء الشيطان"(١)
وذلك لأن المولى تعالى إنما تعبدنا بكلام النبي المرسل، وجعل لذلك المعجزات والأدلة النيرات، وحماه بالعصمة من المضلات، فلو احتج بالإلهام لانفتح باب ليس له مرصاد، ولخالف ما تعبدنا به المولى من اتباع النبي والتأسي به في كل حال، وتحريم التقديم بين يديه.
فكانت هذه الشروط التي استفيدت من أدلة الكتاب والسنة حتى تتحقق حقيقة الحفظ للدين المنزل، والتي نص عليها الكتاب العزيز بقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
* * *
(١) الموافقات، للشاطبي: (٢/ ٢٦٦). وقد قدمت الحديث عن هذه المسألة في مبحث المعرفة فليطالع، كما أنصح بالرجوع إلى كتاب المعرفة في الإسلام لشيخنا الفاضل: عبد الله القرني: ٧٢.