للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسود اللون طويل جدًا؛ حرصًا على الرياسة وعلى ما يأخذونه من سفلتهم، ومن جملة ما غيروه آية الرجم بالجلد (١)، ومن ذلك أنه في كتبهم من خالف محمدًا خلد في النار فغيروه، وقالوا: لن تمسنا النار إلا أربعين يومًا مدة عبادة العجل" (٢)

وفي تلك المقولات التي داخلها التحريف على فرض تحققها ما ورد في الآية الكريمة على لسان اليهود: {إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ١٨٣] فقد "قيل: إن تلك المقالة لم تقع أصلًا، فهي كذب محض.

وقيل: إنها موجودة في التوراة، إلا في حق المسيح ومحمد، وأما هما فمعجزاتهما غير ذلك فهم قد كذبوا على التوراة في كل حال" (٣)

- هذا وقد كان لذلك التحريف والتبديل أسبابًا عدة، أشار إلى أهمها عند تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤]، يقول: "الباطل هو تخفيف الشرائع والتساهل فيها لسفلتهم.

وقيل: هو تغيير صفات المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الكائنة في التوراة والإنجيل.


(١) أخرج البخاري في صحيحه هذه القصة في عدد من الأبواب، وفيها كما يروى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أن نفرًا من اليهود جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله: (ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ ) فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك: فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله فرجما": كتاب المناقب - باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ}، رقم الحديث: ٣٦٣.
(٢) المرجع السابق: (١/ ٢٠٩).
(٣) المرجع السابق: (١/ ١٨٢).

<<  <   >  >>