للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب إلى أن الألواح مشتملة على التوراة مع زيادة عليها، ولكنه لما انعدم ما يستند إليه في القطع بأحد هذه الأقوال حسن التوقف وعدم الجزم بأحدها والإيمان بأن الألواح التي اشتملت على الموعظة والبيان قد أوتيت لموسى - عليه السلام - كما هو ظاهر الآية الكريمة، وهذا ما دل عليه كلام الإمام ابن كثير - رحمه الله - إذ يقول: "قيل: كانت الألواح من جوهر وإن الله تعالى كتب له فيها مواعظ وأحكامًا مفصلة مبينة للحلال والحرام، وكانت هذه الألواح مشتملة على التوراة التي قال الله تعالى فيها: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} [القصص: ٤٣].

وقيل: الألواح أعطيها موسى قبل التوراة والله أعلم، وعلى كل تقدير فكانت كالتعويض له عما سأل من الرؤية ومنع منها والله أعلم" (١)

وهذا ما يتوجه أيضًا لما ورد فيما أصيبت به الألواح من الإلقاء، فقد أخرج الطبري روايتين (٢) لا تخلو أسانيدها من مقال فلا يصح اعتمادها في مثل هذه الأمور الغيبية؛ الأولى عن ابن عباس، وفيها حجاج بن محمد ثقة ولكنه اختلط عند نزوله بغداد (٣)، ومفادها أن موسى - عليه السلام - ألقى الألواح فتكسرت، فرفعت إلا سدسها.

أما الرواية الثانية التي أخرجها الطبري عن مجاهد فتفيد أن الألواح لما تكسرت بقى الهدى والرحمة، وذهب التفصيل، وهي ضعيفة أيضًا لضعف خصيف بن عبد الرحمن فهو صدوق سيئ الحفظ (٤).


(١) تفسير القرآن العظيم: (٢/ ٣٢٩).
(٢) جامع البيان: (٩/ ٦٦).
(٣) حجاج بن محمد المصيصي الأعور أبو محمد ترمذي الأصل نزل بغداد ثم المصيصة ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته من التاسعة مات ببغداد سنة ست ومائتين: تقريب التهذيب: ١٥٣.
(٤) خصيف بن عبد الرحمن الجزري أبو عون مولى بني أمية، عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وعنه سفيان، وابن فضيل، صدوق، سيئ الحفظ، ضعفه أحمد، توفى سنة ١٣٦، الكاشف للذهبي: ٢٨٠.

<<  <   >  >>