للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [المائدة: ٤٤] بينما نجد أن حفظ القرآن قد أوكله تعالى إلى نفسه، حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

ثانيًا: ما لحق ببني إسرائيل من الاضطهادات المتعددة والمتلاحقة، فقد كان لهذا أثر بالغ في ضياع كتبهم، سيما وأنهم لم يؤمروا باستظهارها غيبًا؛ مما أدى إلى وقوع الاضطراب بسبب انقطاع السند.

يقول الإمام ابن القيم في ذلك: "ولم يكن حفظ التوراة فرضًا عليهم ولا سنة، بل كان كل واحد منهم يحفظ فصلًا من التوراة، فلما رأى عزرا أن القوم قد أحرق هيكلهم وزالت دولتهم وتفرق جمعهم ورفع كتابهم جمع من محفوظاته، ومن الفصول التي يحفظها الكهنة، ما اجتمعت منه هذه التوراة التي بأيديهم. ولذلك بالغوا في تعظيم عزرا هذا غاية المبالغة، فزعموا أن النور الآن يظهر على قبره وهو عند بطائح العراق لأنه جمع لهم ما يحفظ دينهم" (١)

وإلى هذا المعنى يشير ابن تيمية في حديثه عن تحريف الأناجيل، وانقطاع سندها، يقول: وأما الإنجيل الذي بأيديهم فإنهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح - عليه السلام - ولا أملاه على من كتبه، وإنما أملاه بعد رفع المسيح: متى ويوحنا وكانا قد صحبا المسيح، ولم يحفظه خلق كثير يبلغون عدد التواتر" (٢).

ثالثًا: صفات علمائهم الذميمة، فإن آيات الكتاب الكريم كثيرًا ما تتحدث عن أخلاقهم السيئة فتسمهم بأشنع الصفات وأبغضها، فمحبة الدنيا والتفاني في اكتسابها وجمع حطامها من أبرز الصفات التي تخلقوا بها، قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: ٩٦].


(١) إغاثة اللهفان: (٢/ ٣٥٩). مع تصرف يسير.
(٢) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: (١/ ٣٥٦).

<<  <   >  >>