للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في خلال حديثه عنه إلى بعض القواعد المعتمدة عند المتصوفة فيه، حيث قصر استعماله على طائفة معينة يطلق عليها عند الصوفية بالخواص، ومنع مع ذلك أهل العلم بالظاهر - ويعنى بهم أهل العلم بالشريعة - من التفسير بهذا النوع من التفاسير الصوفية، وقد استند الصاوي فيما ذهب إليه إلى عدد من الأمور المعتبرة عند هذه الطائفة:

أولها: اعتقاد أن للقرآن الكريم ظاهرًا وباطنًا، وأنه لا دلالة واضحة من ظاهره لباطنه؛ بل قد يخالفه تمامًا، بحيث يتأتى للمقتصر على فهم القرآن بظاهر ألفاظه الوقوع في الخطأ المبين إذا أراد أن يستوحي باطن اللفظ كما يعتقد الصاوي، فيقع في الإثم المبين.

ثانيها: تقسيم العلم إلى علم مكتسب وعلم لدني، وأن من كان علمه مكتسبًا لا يتصور منه استنباط الإشارات الباطنية، لأنها لا تتأتى بطريق الاكتساب، بل هي محض فضل من الله تعالى، قد ينال بنوع اجتهاد، ولكنه لا يرجع إلى نحو الأسباب التي يتأتى بها العلم المكتسب.

ثالثها: تفريقه بين العوام والخواص، وجعل طبقة علماء الظاهر من جملة العوام الذين ليس لهم اجتهاد في فهم الإشارات اللدنية، وإرجاع فهم الحقائق إلى أهل الولاية وهم من يسميهم بالخواص.

- أما المسألة الأولى؛ وهي اعتقاد أن للقرآن ظاهرًا وباطنًا، فهذا ما عليه غالب أهل التصوف، وقد نشأ من هذا الاعتقاد ما يسمى بالتفسير الإشاري عند الصوفية، حيث يتوسط في مكانته بين التفسير بالمأثور وبين التفسير الباطني المعتمد عند أهل الباطن، فنجد هذا النوع من التفسير عند بعض المتصوفة يأخذ طابع العمق حتى يخرج به عن التفسير المعهود.

وقد يقع في التأويل الباطني المنحرف بأقصى درجات الانحراف، وقد ينحو به نحو الاعتدال، وهذا ما عليه الغالب، إلا أنه قد يقع في كثير من التخليط فيبعد عن النص بتأويلات بعيدة، لا يدل عليها من قريب، أو بعيد.

<<  <   >  >>