للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسماء الدالة عليها، وبالتالى فتكون العلاقة بينهما هي التغاير في المفهوم، والاتحاد فيما صدق، فالنبى هو وصف من اصطفاه المولى للقيام بمهمة الرسالة بما يؤهله لها، حيث نبئ بالوحى؛ فهو مأمور بإبلاغه لذلك.

أما الرسول فهو وصف لذلك المصطفى بمقتضى المهمة التي كلف بها، وهى القيام بشؤون الإبلاغ وتكاليف الرسالة.

وعليه فإن العطف الذي ورد في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: ٥٢] ليس فيه دلالة على التباين بين المعطوف والمعطوف عليه، لأن التغاير مع التسليم بثبوته عند العطف لا يقضى بانتفاء العلاقة بينهما، فقد ينصرف إلى تغاير الصفات دون الذوات، فيفرق بين مطلق المغايرة والمغايرة المطلقة؛ لأن لفظ التغاير إذا أطلق يحتمل كلا المعنيين، وهذا معروف في أدلة الشرع، كقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [المائدة: ١٩]، فإنه ليس لأحد أن يحتج لمخالفة شخص النذير للبشير؛ بوجود العطف الذي يقضى بالتغاير؛ لأن التغاير كما سبق وأن أشرت لفظ مجمل يصدق فيه أدنى تغاير، ولو من جهة الأوصاف. (١)

وهذا القول الذي يقرر ترادفهما، مما ذكره القاضي عياض (٢) عند عرضه للأقوال في هذه المسألة، وحكم بضعفه لمخالفته ما عليه عامة أهل العلم من وجود الفرق بينهما.

وهناك من جعل العلاقة بينهما عمومًا وخصوصًا مطلقًا؛ فكل رسول نبى، وليس كل نبى رسولًا؛ فكان بذلك عدد الأنبياء أكثر من الرسول، وقد استدلوا لهذا


(١) انظر: كتاب الإيمان لشيخ الإسلام في بيان التغاير الذي وردت به ألفاظ الكتاب والسنة: ١٦٣.
(٢) هو القاضي العلامة عياض بن موسى اليحصبى السبتى، ولد بسبتة سنة: ٤٧٦ هـ قال عنه ابن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم استقضى بسبتة مدة طويلة، له كتاب الشفاء في شرف المصطفى، وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك، وغير ذلك، توفى سنة: ٥٤٤ هـ. انظر: وفيات الأعيان: (٤/ ١٣٠٤).

<<  <   >  >>