للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحديث الشريف الذي أخبر فيه النبي أن عدة: (مائة ألف وأربعمائة وعشرون ألفًا، والرسل من ذلك ثلاث مائة وخمسة عشر، جمًا غفيرًا) (١)

وكذلك استدلوا بالعطف الذي يدل على التغاير الوارد في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}. وفي مفهوم هذا التغاير الذي ميز الرسول عن النبي فقلت له أعداد الرسل تعددت أقوال هذه الطائفة من العلماء:

- فمنهم من ذهب إلى أن الرسول هو من أرسل بشرع جديد، أما النبي فهو الذي أرسل بشرع من قبله، وقد اعترض عليه بأن بعضًا من الرسل كانوا على شريعة من قبلهم كـ داود وسليمان؛ فقد كانا على شريعة التوراة، وكذلك يوسف فقد كان على شريعة إبراهيم - عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم - قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: ١٦٣].

- ومنهم من ذهب إلى أن الرسول هو من أمر بالتبليغ، حيث وصف بالإرسال، الذي يدل على هذا المعنى، أما النبي فهو من لم يؤمر بالتبليغ؛ حيث انتفى عنه التكليف لانعدام الوصف بالإرسال (٢).

وهذا المذهب لم يسلم من اعتراضات أوردها العلماء عليه؛ وذلك لمخالفته صريح النص الدال على أن النبي والرسول كلاهما قد توجه إليه الإرسال، الذي يقضى بالتبليغ، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: ٥٢] (٣).

* * *


(١) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبى أمامة الباهلى، رقم الحديث: ٢١٧٨٥: (٦/ ٣٥٥).
(٢) وانظر في هذه الأقوال المتعددة كتاب شرح الشفا للقاضى عياض: (٢/ ٧٢٩ - ٧٣١).
(٣) سيأتي مزيد بيان في مناقشة هذا المذهب.

<<  <   >  >>