للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى؛ لتصديقه لهم بالمعجزات، وتصديق الكاذب كذب، والكذب عليه محال" (١)

ثالثًا: "الفطانة: وهى ذكاوة العقل، ومعرفة طرق الدعاوى الباطلة من الصحيحة".

رابعًا: الأخلاق الحميدة بمفهومها الواسع، وأضرب مثالًا لذلك بصفة الحلم فهو يؤكد على اتصاف الرسل بالحلم على جهة الكمال، كما يرد على من طعن في حلم موسى - عليه السلام -، فيقول: "وما قيل إن موسى لما كان قليل الحلم أمره الله بإلانة الكلام لفرعون، حيث قال له: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] ومحمد - عليه السلام - لما كان كامل الحلم أمره الله بالإغلاظ على الكفار، حيث قال: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣] فهو باطل لا أصل له، وإنما الذي يقال إن كلِّ كامل في الحلم وكلِّ مأمور بالإلانة أولًا، فإذا تقرر الدين وثبت وأمروا بالجهاد، أمروا بالإغلاظ"

ولا يكتفى بإثبات الحلم لكافة الأنبياء على جهة الكمال، بل يشدد في هذا ويحكم على المخالف بالكفر، يقول: "ومن نفى عن أحد منهم الحلم فقد كفر" (٢).

* * *

- وكل ما تقدم لا يخالف ما تقتضيه بشريتهم من حصول بعض "الأعراض البشرية التي لا تؤدى إلى نقص مراتبهم العلية، كالنوم ونحوه، ولكن أكلهم ونومهم لا عن شهوة بل للتقوى".

وهذا القيد الذي أثبته في حقيقة الأعراض البشرية - وهو امتناع النقص منهم - قد أخصج به كل: "الأعراض المنفردة، كالجنون والجذام والبرص والعمى والفقر وسوء الخلق وخسة الأصل؛ فإنها محالة في حقهم".

وبعد ذلك يعرض بالتفنيد لكل ما روى في حقهم - صلوات ربى عليهم - مما


(١) حاشية الجوهرة: ١٢.
(٢) حاشية الجلالين: (٢/ ٩٣).

<<  <   >  >>