للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخالف بلوغهم للكمال البشرى، فإنه "لم يثبت أن شعيبًا كان ضريرًا، وما كان بيعقوب فهو حجاب على العين من تواصل الدموع، فلذلك لما جاء البشير ارتد بصيرًا لانقطاع دمع العين، وما كان بأيوب من البلاء إن كان عظيمًا فالحق أنه كان بين الجلد والعظم فلم يكن منفرًا، وما اشتهر في القصة من الحكايات المنفرة فهى باطلة".

أما ما عدى ذلك من الأعراض التي لا تقدح في كمالهم فتجوز عليهم، ويفصل القول في المحتمل منها كالسهو، حيث يقوم بالتفريق بين السهو في الأقوال والأفعال "فالسهو ممتنع عليهم في الأخبار البلاغية، مثل عذاب القبر ونعيمه وغيرهما".

ويجيب على من اعترض بما حصل للنبي من رجوعه عن الأمر بترك التلقيح، واعترافه بصواب من فعله، أن هذا ليس من قبيل الخبر المعرض للصدق والكذب" وإنما هو من باب الرأى والاستشارة في أمر دنيوى لا أمر دينى".

ثم يأتى إلى القسم الثاني من سنته - صلى الله عليه وسلم - وهى السنة الفعلية، فيجوز وقوع السهو فيها؛ وأن ذلك لحكمة يريدها الرب سبحانه، يقول: "وأما في الأفعال البلاغية وغيرها فيجوز كالسهو في الصلاة للتشريع".

وتفصيله السابق فيما يتعلق بالسهو في الأفعال والأقوال محله إذا كان قد سبق وأن قام بتبليغها، وأما قبل التبليغ فلا يجوز السهو والنسيان عليه البتة يقول: "وأما النسيان فممتنع في البلاغيات قبل تبليغها، قولية كانت أو فعلية، وأما بعد التبليغ فيجوز نسيان ما ذكر عليهم؛ لحفظه بعد التبليغ ووجوب ضبطه على المكلف ليعمل به، ويصحح عليهم نسيان المنسوخ لفظًا ومعنى قبل التبليغ وبعده" (١).

في بيان وظائفهم يبدأ بـ:

- التبليغ لما جاءوا به من عند الله "ثم يفصل القول في أنواع المبلغ، يقول: "والحاصل أن ما جاءوا به أقسام ثلاثة: قسم أمروا بتبليغه، فلم يكتموا منه حرف، وقسم خيروا بين كتمانه وتبليغه، فبلغوا البعض وكتموا البعض".


(١) المرجع السابق: ٤٣.

<<  <   >  >>