للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصلًا، فلما كان هو الواسطة في ذلك عد كأنه العاقد لهما، وإنما كان خصوص الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - هو الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت لكل أحد حتى أبيه آدم" (١).

- وقد سبق لي وأن أشرت إلى ظاهرة الغلو الملحوظة في آراء الصاوي حول الإيمان بالرسول (٢)، ولكن لي هنا أن أنبه مع بعض الاختصار إلى أهم المعالم البارزة لهذه الظاهرة؛ حتى تبدو أكثر وضوحًا لمناقشتها فيما بعد.

- فإن من أهم تلك المعالم البارزة لظاهرة الغلو نسبة علم الغيب له - عليه الصلاة والسلام -، يقول: "والذي يجب الإيمان به أن رسول الله لم ينتقل من الدنيا حتى أعلمه الله بجميع المغيبات التي تحصل في الدنيا والآخرة، ومن جملتها علم الساعة (٣) فهو يعلمها كما هي عين يقين، لما ورد: رفعت لي الدنيا فأنا أنظر فيها كما أنظر إلى كفى هذه و [قوله ولو كنت أعلم الغيب] إن قلت إن هذا يشكل على ما تقدم لنا أنه اطلع على جميع مغيبات الدنيا والآخرة، والجواب أنه قال ذلك تواضعًا أو أن علمه بالغيب كلِّ علم من حيث إنه لا قدرة له على تغيير ما قدر الله وقوعه، فيكون المعنى لو كان لي علم حقيقى بأن أقدر على ما أريد وقوعه لاستكثرت" (٤).

وحتى الروح كان علمها مما لا يخفى - عند الصاوي - على رسول الله، يقول: " الروح واختلف فيها على ثلاثمائة قول، والحق لا يعلمها غير الله ورسوله: قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] " (٥)


(١) المرجع السابق: (٢/ ٦٢). وانظر: حاشية الخريدة: ١٩.
(٢) انظر: مبحث التوحيد: ١٦٩.
(٣) حاشية الجلالين: (٤/ ٢٧).
(٤) المرجع السابق (٢/ ١٠٤). وانظر: حاشية الصلوات الدرديرية عند شرحه لقول البوصيرى: ومن علومك علم اللوح والقلم: ٢٧.
(٥) حاشية الصلوات الدرديرية: ١٠٢.

<<  <   >  >>